قد لا يدرك كثيرا من شباب اليوم ان اسم تجمع المهنيين هو نموذج لتكتل نقابي قوي يشمل القوى المدنيه ( الاطباء-اساتذه الجامعات – اساتذة المدارس- المهندسين – المحامين – المزارعين – والموظفين – واصحاب الحرف الصناعيه)
يمكن ان تضاف لها العمال الذين يعملون في القطاع العام مثل السكة الحديد وقطاع الري والمواصلات والقضاء.
السودان شهد تحرك مدني سابق ضد نظام عبود وعرف بأسم (جبهة الهيئات) وهي نفس القطاعات المذكورة اعلاه واستطاع العمل المدني ان يسقط نظامه بصورة سريعه نتيجة لتفيعل سلاح الاضرابات والاعتصامات بالاضافه الي قوة الاحزاب ووعي المجتمع بالقضية والعامل الاهم هو عدم تغلغل نظام عبود في المؤسسات المدنيه ويرجع ذلك لانه لم يكن لديه انتماء عقدي مثل (الاسلاميين – الشيوعيين) الذين سعوا احداث تغييرات في المجتمع وفقا لمعتقداتهم عبر مؤسسات المجتمع المدني وسيطرتهم علي مفاصل الدولة العميقه بالاضافه الي شخصية عبود غير المتشبث بالسلطة .
اما النموزج الاخر هو (التجمع النقابي) وهو المسمى الذي اتخذته القوى المدنية ضد نظام الرئيس العسكري السابق جعفر نميري عام 1985 حيث استطاعت هذه القوى المدنيه من اسقاط نظامه بعد 16 عام من الحكم الامني القابض. ويرجع تأخر سقوط نظام نميري الي أنه كان يعتمد علي كوادر الشيوعيين وقوتهم في إداره المنظمات الطوعية والنقابية بتالي شكلوا له شرعيه سياسيه وبرنامج حزبي رغم من تخلص نميري منهم عام 1971 عقب محاولة الانقلاب عليه من قبل هاشم العطا إلا انه استطاع الحفاظ علي بعض كوادرهم بالاضافة الى الكفاءات غير المسيسه حيث ساعدته علي استمرار حكمه عبر تجمع الاتحاد الاشتراكي الذي ضم (طلائع مايو من الطلاب والشباب والمرأة) وهو نفس نموذج المؤتمر الوطني الحالي.
رغم قوة نظام نميري ودعم المجتمع الدولي له خاصه امريكا التي كانت تعتبره رجلها الاول في افريقيا وتحالفه مع الاسلاميين بقياده الدكتور حسن الترابي إلا أن الازمة الاقتصادية الطاحنه وتجدد الحرب في الجنوب عام 1983 وتطبيقه الخاطئ لقوانيين الشريعه الاسلاميه عبر ما يسمى بمحاكم العداله الناجزة التي شوهت تطبيق القانون دون الاجراءات العديله المتعارف عليها. اضف لذلك قتل نميري لرئيس الحزب الجمهوري محمود محمد طه بتهمة الرده الامر الذي اجج الشارع عليه بصوره اكبر.
كل هذه الاحداث ادت الي الدخول في إضرابات واعتصامات شعبيه واسعه وتحالف بين ( الاحزاب والتجمع النقابي) حتي إنهار نظام نميري بالتدرج رغم تهديده للمواطنيين بالاجراءات وقوانيين الطوارئ واستلم الجيش السلطة في عام ابريل 1985 وتم تشكيل مجلس عسكري مدني بقيادة المشير الراحل سوار الذهب ورئيس الوزراء الدكتور الجزولي دفع الله ممثلا للتجمع النقابي.
الان بعد ثلاثون عام يعيد التاريخ نفسه نظام الانقاذ يقف خلفه الاسلاميين استطاعوا أن يتحكموا في مفاصل الدولة العميقه بصورة اكثر تأثيرا لاربتاطهم العقدي بالتغيير الجذري للمجتمع عبر التغلغل في المؤسسات المدنيه والعسكريه واتباع استراتيجية الاسلمة. يمتاز الاسلاميون بالخبرة في العمل المدني لذلك استمروا في الحكم لمدة طويله رغم ذلك وقعوا في اخطاء عدة أبرزها فصل الجنوب وازمة دارفور والفساد واقصاء الاخرين من الحكم بالاضافة الي عداوة المجتمع الدولي ووضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب والعقوبات الاقتصاديه الامريكية الامر الذي أثقل كاهل المواطنيين بتحمل اخطاءهم كل هذه الفتره .
الازمة الاقتصادية الحالية ساهمت في تفجر الاوضاع بصوره كبيرة بالاضافه الى الغبن السابق من قبل الاحزاب السياسيه لذلك برز تجمع المهنيين كوعاء لقيادة العمل المدني رغم إتهام النظام بأنه واجهة للحزب الشيوعي إلا انه استطاع ان يجد مؤيدين لهم بصورة عفوية مقابل ضعف الاحزاب السياسية التي بدأت في النشاط الحزبي مؤخرا .
الاوضاع السياسيه الحاليه تشهد تغيرات متسارعه رغم العنف من قبل النظام وقتله لعدد من المدنيين الا ان سلمية الحراك جعلها تستمر وتأخذ مناعه ضد القمع حتي استطاعوا أن يحدثوا تغييرا في الاحداث السياسيه والايام القادمة سوف تبرز ما قد يترتب عليها من متغيرات سياسيه واستراتيجية .
د نجم الدين السنوسي
كلية العلوم السياسيه والدراسات الاستراتيجية – جامعة الزعيم الازهري
عاجل
- عاجل.. المريخ ينهي تعاقده مع اللاعب جاستون بالتراضي
- “حوار”مدرب الهلال السوداني: لا زلنا غير مرشحين للتأهل
- عاجل..الجيش يتصدى لسرب مسيرات انتحارية في النيل الأبيض
- عاجل.. الجيش السوداني يسيطر على قاعدة الزرق بولاية شمال دارفور
- أحمد الشرع: نعيش اللحظات الأخيرة للسيطرة على حمص
- سماع صوت دوي عالي في مدينة عطبرة
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.