* مَنْ مِنا لا يشعر في قرارة نفسه بالخوف على الوطن في هذا الظرف الحرج؟
* هذا أوان الحكمة، والاجتهاد لإعلاء مصالح الوطن العليا على المصالح الحزبية، والتكتيكات السياسية، والحسابات الشخصية، والثأرات القديمة، والرغبة الرعناء في التشفي والانتقام.
* لا أتردد مطلقاً في وصف القرارات التي أصدرها الرئيس البشير مساء أمس الأول بأنها تُمثِّل انقلاباً كامل الدسم على المنظومة السياسية القابضة، التي حكمت البلاد ثلاثة عقود، بسطوةٍ مطلقةٍ لمكونٍ سياسي بعينه، خرج من دائرة الحكم، في ليلةٍ عاصفةٍ، شكَّلت مُخرجاتها صدمةً كبيرةً لكل المنتمين للمؤتمر الوطني، بدءاً بمكتبه القيادي، الذي لم يُحَط علماً بما ينتويه رئيسه، إلا قبل ساعاتٍ قليلةٍ من لحظة إعلان القرارات الصادمة من داخل القصر.
* لا جدال كذلك على أن البلاد دخلت مرحلةً جديدةً من تاريخها السياسي، بمنظومة حكمٍ مؤقتةٍ، يغلب عليها الطابع العسكري، تم إرساؤها بقراراتٍ رئاسيةٍ مباشرةٍ، لم تأخذ دورتها المعتادة على الصعيد الحزبي، بدليل أنها لم تُعرَض على المكتب القيادي للمؤتمر الوطني لإجازتها قبل إعلانها، كما كان يحدث في السابق.
* من وقع عليهم الاختيار لقيادة المرحلة الجديدة لم يأتوا عبر منظومتهم الحزبية.
* محمد طاهر أيلا، لن يمثل المؤتمر الوطني في الحكومة الجديدة، والقول نفسه ينطبق على الوزراء الستة، الذين تم تكليفهم بتسيير الوزارات السيادية، إلى حين إعلان التوليفة التي سيقودها رئيس الوزراء الجديد.
* الولاة الثمانية عشر عسكريون، وذلك يعني أن الحزب فقد كل رؤسائه في الولايات دفعةً واحدة، وأن جرد خسائره لن تنحصر في فقدانه لقياداته الولائية فحسب، بل ستمتد قطعاً إلى مواقع أخرى، يشغلها الحزب على المستوى المحلي للحكم.
* إن لم يكن ذلك كله انقلاباً على سلطة المؤتمر الوطني، فكيف يكون الانقلاب إذن؟
* تلك المستجدات تعني أن هيمنة المؤتمر الوطني على المشهد السياسي انحسرت عملياً، حتى ولو شمل الاختيار بعض منسوبيه لشغل وزاراتٍ ومواقع مهمة في الحكومة الجديدة، ويعني أيضاً أن الحزب الذي يمتلك أغلبيةً ميكانيكية في المجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية لم يعد يحكم البلاد، حتى ولو لم يقدم الرئيس على حل المنظومة التشريعية التابعة للحزب.
* وضح من خلال القرارات أن الرئيس وصل إلى قناعة كاملة بأن تلفعه بالعباءة الحزبية لن ينتج إلا المزيد من الخسائر للسلطة والبلاد، سيما وأن الأحداث الأخيرة أظهرت ضعفاً مخلاً في أداء الحزب، بدرجة أجبرت الرئيس على أن يتخطاه ليتحرك منفرداً، ويواجه تحدياتٍ سياسيةً واقتصاديةً عاصفةً، هزت شجرة الحكومة والحزب بقوة، وخلخلت جذورها، وعجلت بإنهاء سلطة المؤتمر الوطني، في ليلةٍ دخلت تاريخ السودان من أوسع الأبواب.
* من الحكمة أن يتعامل المعارضون مع المعطيات الجديدة بذكاء، وأن يستخلصوا منها ما يدعم خطهم، ويخدم توجهاتهم، ويتفق مع أهدافهم، سيما وأن ما فعله الرئيس حقق لهم أكثر من نصف ما كانوا يطلبونه.
* لذلك لم نستوعب مسارعة تجمع المهنيين وبعض قوى المعارضة الأخرى إلى رفض الواقع الجديد بالكامل، حتى قبل إعلانه رسمياً.
* السياسة فن الممكن، والطبيعي أن يستوعب المعارضون المكاسب التي تحققت لهم ويطلبوا غيرها، لا أن يرفضوها برمتها، لأن ذلك الموقف قد يعيد هندسة المشهد السياسي بما لا يخدم أهدافهم.
* من المهم أن تتعامل المعارضة مع المعطيات الجديدة بنهج (ما لا يُدرَكُ كُلُّه، لا يُترَكُ جُلُّه).
* إعلان حالة الطوارئ لا يرمي إلى المزيد من التضييق على المحتجين في رأينا، بقدر ما يهدف إلى حماية التوجه الجديد من أي ممانعة يمكن أن تحدث ممن فقدوا سلطتهم، والواقع يؤكد أن الحكومة لم تكن بحاجة إلى إعلان طوارئ كي تلاحق المحتجين، وتقمع ثورتهم، وتُوقف من ساندوهم، ومع ذلك لا ضير من التذكير بضرورة تقديم مبادرات نوعية، تظهر بها الحكومة تحديداً حسن نواياها تجاه المعارضين، طالما أنها أعلنت رغبتها في محاورتهم، وصولاً إلى طريقٍ ثالث، يسع الجميع، ويُجنِّب البلاد شرور التجاذب الحالي، بكل ما يحمله من مخاطر جمة على الوطن الحبيب.
* تعالوا إلى كلمةٍ سواء.. تعالوا لنتحاور ونتفق ونغني سوياً مع حِمِّيد (وطنا الزين.. لا تِنضرَّ لا تنعاق).
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.