الخرطوم:باج نيوز
وسط موجات متباينة من التصديق والتشكيك، جاء إعلان الحكومة السودانية عن تراجع معدلات أسعار المستهلك (التضخم) خلال يناير الماضي، على أساس سنوي.
الأسبوع الماضي، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، تراجع التضخم في البلاد على أساس سنوي، إلى 43.45 بالمائة خلال يناير الماضي، نزولا من 72.94 بالمائة في ديسمبر السابق له.
وتعود المستويات القياسية المرتفعة للتضخم، إلى أكثر من عام، مع ارتفاع حدة أزمة وفرة النقد الأجنبي في البلاد، وعجز التجارة والمؤسسات الرسمية عن توفيره لأغراض الاستيراد.
تستهدف الموازنة السودانية للعام الجاري، إبقاء معدل التضخم في حدود 27 بالمائة، مع معدل نمو 5.1 بالمائة من الناتح المحلي الإجمالي، مقارنة مع 4 بالمائة في2018.
ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين، والوقود والاوراق النقدية، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية تجاوزت 65 جنيها مقابل الدولار الواحد.
وارتفعت تكلفة المعيشة بالسودان، وسط محدودية الأجور بما جعل الحكومة السودانية تقر زيادة أجور العاملين بالدولة، بواقع 500 جنيها (10.5 دولارات) كحد أدنى، و2500 جنيها كحد أعلى (52.6 دولارا) شهريا.
وقبل ذلك الاتفاق، كان الحد الأدنى للأجور في السودان 425 جنيها (قرابة 9 دولارات).
ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر الماضي، احتجاجات شعبية منددة بالغلاء، صاحبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط قتلى.
وقال مدير عام الجهاز المركزي للإحصاء كرم الله علي عبد الرحمن، في تصريحات صحفية إن هناك سببين لتراجع معدلات التضخم خلال يناير الماضي.
أول السببين بحسب “عبد الرحمن”، يتمثل في انحسار أزمة الوقود، وحدوث انخفاض في بعض أسعار السلع الأساسية، مثل السكر والزيوت والدهون والمواد الغذائية، البقوليات.
وقال إن السبب الثاني هو انخفاض أسعار النقل، إذ تمثل مجموعة النقل وزناً في القياس، وساهمت بشكل كبير في تراجع التضخم، نتيجة انخفاض أسعار الوقود.
وزاد: هناك شيء مهم حدث على مستوى ولايات البلاد كافة، حيث انخفضت كل معدلات التضخم بها، خاصة ولايتي الجزيرة والخرطوم.
“ولاية الجزيرة كانت أعلى تضخماً طيلة الفترات الماضية، وبلغ معدلها في ديسمبر الماضي 92.6 بالمائة، وانخفض في يناير 2019 إلى 28.7 بالمائة.
وأرجع المسؤول في الإحصاء ذلك، إلى جهود حكومة الجزيرة في مسألة ضبط الأسعار ورقابة السلع، “كما انخفض معدل التضخم في ولاية الخرطوم من 66 بالمائة إلى 37 بالمائة، الشهر الماضي”.
لكن “الصادق جلال الدين”، وهو الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين (أهلية)، رأى إن الإحصاء يقوم بحساب معدلات التضخم على أسس “خاطئة”.
وقال جلال الدين في حديث لأناضول، أنه لا يوجد سبب يجعل التضخم ينخفض من 72.94 إلى 43.45 بالمائة خلال شهر واحد.. هذا كلام غير دقيق”.
وأضاف أن “الدولة تقوم حاليا بزيادة عرض الكتلة النقدية، عبر طباعة فئات جديدة بما يجعل من انخفاض قيمة التضخم في هذا الوضع صعبا، فضلا عن هبوط الجنيه أمام الدولار بصورة غير مسبوقة وتخطيه حاجز 82 جنيها في تداولات السوق الموازية.
والشهر الماضي، أعلن البنك المركزي السوداني عن طرح فئة 100 جنيها (2.10 دولار الجديدة، للتداول، اعتباراً من فبراير الجاري، والبدء في طرح فئات الـ “200” و “500” جنية خلال الفترة المُقبلة.
والعام الماضي أقرت الحكومة السودانية، قراراً بتحجيم الكتلة النقدية بهدف السيطرة على أسعار صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.
غير أن الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، يرجح تراجع معدلات التضخم بالفعل، لا سيما في ظل الجهود التي بذلتها الحكومة السودانية للسيطرة على سعر الصرف في السوق الرسمية.
وأوضح فتحي ، أن إلزام الحكومة لقطاع المصدرين والعاملين بالخارج، التقيد بالقنوات الرسمية، ساهم في ضخ مبالغ مقدرة في الخزينة العامة، “بصرف النظر عن تداولات السواق الموازية”.
وقال إن 40 بالمائة من أسباب التضخم في السودان، يعود إلى انخفاض قيمة الجنية السوداني وتراجع الدولار.
إلا أن أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، محمد الجاك يشكك من جهته في انخفاض معدلات التضخم خلال يناير الماضي، وعدم مواكبتها لما يجري على الواقع.
وطالب “الجاك” ، الجهاز المركزي للإحصاء، إعطاء تبريرات منطقية لتراجع التضخم عبر بنود وعوامل محددة.
وأبدى استغرابه من أن يتم الحديث عن مساهمة مجموعة الأغذية والمشروبات ومجموعة النقل، في خفض معدلات التضخم بالرغم من ارتفاع أسعارها.
نقلا عن الأناضول
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.