في أوقات الشدة، تُبتكر الحلول وتَضاعف الإصلاحات، وتتعدد الاجتهادات، لتبتعد عن الصندوق الذي كان سبباً في الأزمات.
أما في حالة السودان ومشكلاته الاقتصادية المتتالية، تقِل الاجتهادات وتُستسهل الأفكار وينغمس المعنيون في ذات الصندوق التالف..!
مع كل حل اقتصادي أو هكذا يُهيَّأ لهم، يُعلن المسؤولون عن السياسات الاقتصادية عن “بشريات” و”حلول وشيكة” تتمثل في طباعة النقود ودعم الوقود وشراء القمح، لكن ذلك لا ينعكس على الشارع.
أمس وفي منتدى الصحفيين المنعقد في صحيفة المستقلة، كرر وزير الدولة بالمالية مصطفى حولي، ووزير المالية الأسبق علي محمود، ذات الروشيتات القديمة، وذات التشخيص المكرور، فما فائدة معالجة المشكلة بذات الدواء؟!
خلال الفترة الماضية، تحدثت بعض الدول الخليجية عن قروض وودائع منحتها للحكومة السودانية، في تلميح مباشر، إلى أنها ساعدت السودان كثيراً، وما على الحكومة والشعب إلا البحث عن أوجه صرف تلك المليارات.
ورغم أن المبالغ التي أُعلنت وتم الكشف عنها من قِبل الدول المانحة، كبيرة وضخمة، لكن الحكومة السودانية، ظلت صامتة، بلا تأكيد أو نفي للرسوم البيانية التي توزعها تلك الدول.
ذلك التجاهل، جعل البعض يتحدث بمعلومات، أنه تم “خمش” مبالغ من الودائع، بحيث لم تدخل خزانة الدولة، وتم التصرف فيها لتسيير بعض الشؤون، غير أن وزير الدولة بالمالية مصطفى حولي، أكد أن الودائع التي سُلمت لحكومة
السودان، موثقة ومعروفة ولا تتم بالادعاء، وأنه يتم التصرف في المبالغ المستلمة وفق رؤية الحكومة وسياستها.
ورغم أن الوزير تعذر بالسرية وصعوبة الكشف عن أوجه صرف تلك الأموال، لكن في الحقيقة ليس بإمكانهم فعل ذلك، حتى بصورة داخلية لا تتعدى أسوار الوزارة.
أكثر ما كان يميز محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير خلال الأزمة الاقتصادية، أنه ظل ينفي استلام المركزي أي ودائع رغم ما تكتبه الصحافة والإعلام بوصول وديعة مليارية إلى خزانة الدولة.
تسريب مثل تلك الأخبار، كان يُخفض الدولار في وقتٍ ما لأسبوع أو اثنين، لكنه ما عاد يقلل سعره ولو لساعات.
اقتصاد كان أحد أركانه بث الشائعات، وإعلان سياسة التقشف بصورة قشرية، فيُخفض عدد الوزراء إلى النصف ثم يمنح البقية مناصب أخرى بذات ميزات منصب الوزير.
معظم الحلول التي تحدث عنها حولي ومحمود وتشخيصهم للأزمة كانت تجدي نفعاً في التسعينيات، لكنها ما عادت تساهم الآن في أي دورٍ فاعل.
في الوقت الذي كنا نحضر فيه المنتدى، يصطف كثيرٌ من المواطنين أمام الصرافات للحصول على القليل من أموالهم بعد سماعهم خبر طباعة النقود الجديد، لكن كالعادة، كانت الصرافات خارج الخدمة، والمصارف خارج التغطية
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.