أحمد يوسف التاي: “شباب 19 ديسمبر”

جاء في الأخبار أن حوالي 29 من أبناء المسؤولين في الحكومة والمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية والأمن تم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في الإحتجاجات التي شهدتها المدن السودانية…ولنا بالطبع أن نتساءل كم عدد المشاركين من أبناء المسؤولين الذين فلتوا من الاعتقال ولم يتم القبض عليهم..؟…سؤال مهم لكن الإجابة عنه ليست مهمة..
هذا الخبر الذي انفرد به موقع “باج نيوز” الإخباري ذو المصداقية العالية في نقل الأخباريلفت إنتباهنا بقوة للوقوف عند محطة “شباب 19 ديسمبر” الذي يقود المظاهرات حالياً في كل مدن السودان والذي يدخل في تشكيلته أبناء المسؤولين في الدولة والأمن والأحزاب الحاكمة والمعارضة، وبإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الإعتباركل الملاحظات حول “شباب 19 ديسمبر” يدرك المراقب السياسي جملة من هذه الملاحظات والمعطيات والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي:
1/ أن هؤلاء الشباب الذي يقودون الإحتجاجات في كل مكان يُعتبرجيل معتد بنفسه إلى درجة كبيرة ، جيل متمرد على تقاليد العمل السياسي وساخر من الواقع،وناقم عليه.
2/ متحرر من القيود التنظيمية سواءً أكانت يمينية أو يسارية ، وليس لديه ولاء حزبي بالمعني التقليدي الأعمى ، اللهم إلا إسمياً إن وُجد.
3/ يُلاحظ أيضاً على هذا الجيل أنه يحمل قيّماً عليا إنسانية بالدرجة الأولى ، ولعل كثير من القصص الموثقة بالفيديوهات تعكس ذلك مثل: تقديم الماء البارد لرجال الشرطة الذين يواجهونهم بالعنف و”البمبان” ، إسعاف أحد جنود الشرطة، وقصة زواج “سامح وجوهرة”، وما إلى ذلك من الوقائع التي ترسُم ملامح هذا الجيل الجديد.
4/ له القدرة العالية على كسر الحواجز النفسية ، والاجتماعية التي تحول بينه والهدف النهائي ، ولعل أبرز مثال لذلك هو مشاركة أبناء وبنات المسؤولين في هذا الحراك الثوري، إذ لا يمنعهم نعيم السلطة والتمرغ في كنفها من مشاركة أقرانهم المحرومين في كسر طوق الحرمان ، وهذه قيمة إنسانية تتجاوز الوصف، ولاتوجد إلا في أوساط شباب 19 ديسمبر.
5/ يلاحظ أن هذا الشباب ينأى بنفسه عن الإنتقام والتخريب ويبدو أكثر تمسكاُ بسلمية الإحتجاجات، مما يعكس درجة كبيرة من الوعي الذي يشكل ملامحه الأساسية.
6/ استطاع هذا الجيل من الشباب أن يرسم لنفسه شخصية ،مغايرة ومختلفة ومميزة مستقلة عن الآخرين فهو مبتكرلا يشبه كوادر الأحزاب ولايُقلد الذين سبقوه.
7/ استطاع شباب 19 ديسمبر أن يتقدم على كل الأحزاب السياسية ، وبوعي تام أصبح قائداً للحراك يقود دفته ، وما يسمى بتجمع المهنيين هو أحد القوى الإجتماعية والسياسية التي تحاول أن تجد لها موطأ قدم في غمرة الحراك الحاصل الآن على نحو إنتهازي..
8/معظم شباب 19 ديسمبر من الفئة التي تتراوح أعمارها ما بين الثلاثين وما دونها، كما يجمع بينهم الإحساس بالمعاناة التي عاشوها خلال سنوات عمرهم في ظل النظام القائم، الأمر الذي يشكل أرضية مشتركة بينهم يقفون عليها…
هذه مجرد محاولة متواضعة لرصد بعض الملاحظات الخاصة التي تميز شباب 19 ديسمبر…. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.