كان حشداً عجيبا ذلك الذي أجتمع في منزل صديقي وتلميذي فتح الرحمن شبارقة لمواساته وأسرته فى فقيدهم .. رحمه الله .. أمسية الثلاثاء 22 يناير 2019 .. أقول تلميذي لأن شبارقة واحد من مجموعات عدة من الشباب تعلموا الصحافة فى ردهات طيبة برس .. وسنظل نفخر دوما بأن كواكب من أمثال شبارقة و محمد عبد العزيز ولينا يعقوب ونازك شمام مروا من هناك .. وسنظل نفخر اكثر بأن من كان يأخذ بيد هؤلاء الشباب فى اولى خطواتهم نحو عالم الصحافة هو الأستاذ محمد عبد السيد مدير إدارة التحرير العربى بوكالة السودان للأنباء .. يوم كانت سونا واحدة من مؤسسات قيادة الرأى العام فى السودان .. ثم مديرا لمكتب الشرق الأوسط فى الخرطوم يوم كان يعيش السودان قمة تضييق عشرية التمكين .. ودفع ثمنا لذلك حرقا لقدميه فى .. بيوت الأشباح .. !
هذا تداعى .. حر .. لا علاقة له بما أنا بصدده .. ولكن قطعا الجدال الذى مارسه ذلك الجمع قبل أن يتم تنظيمه فيتحول الى حوار هادف .. هو ما قاد تفكيرى فى ما أنا بصدده اليوم .. ولأن تعهدا صارما قد قام بأن ما دار فى تلك الجلسة العفوية .. قعدة بيت بكا .. ليس للنشر .. فلست مخولا بنقل حرف واحد مما قيل .. ولكنى أظن .. وليس كل الظن إثم .. بأننى حر فى نقل ما صدر عنى .. أو حتى إعادة إنتاجه للعرض هنا .. وأستطيع أن ألخص أهم ما قلته .. إن كان لما نقول أهمية .. فى النقاط التالية :-
اولا : أننى لست مع نظرية إنهيار الدولة لقناعتى المطلقة فى الجيش السودانى وتأتى هذه القناعة من أمرين .. أنه رغم كل ما قيل ويقال عن وضع الجيش فى الإنقاذ يظل جيشا عصيا على .. الأدلجة .. وأن هذا الجيش قد لا ينتبه البعض أنه يتحمل كل أزمات السودان وإخفاقات الساسة وأطماعهم وطموحاتهم غير المشروعة و فشل السياسات .. يمينا ويسارا .. وأنه كان قادرا على الفعل فى أحلك الظروف .. وأنه قادر على ذلك الآن ايضا .. وأنه بخبرته و قدراته وتراثه وموروثاته وعقيدته القومية .. يظل فى مقدمة كل القوى الأخرى .. المعلنة منها والخفية .. وبمسافة بعيدة .. وأن هذا الجيش ظل وسيظل هو الضامن الفعلى .. بل والحاضن لإستقرار السودان ..!
ثانيا : قلت إن أسوأ ما يمكن أن يحدث الآن هو إنتصار أحد الطرفين على الآخر .. وأعنى النظام والتظاهرات .. وشرحت أن إنتصار المتظاهرين بالمعطيات التى نشهدها الآن تعنى فوضى سياسية تجبر الجيش على التدخل لإعادة إنتاج الحلقة اللعينة المجربة .. التى لا تعنى غير إعادة إنتاج الأزمات منذ الإستقلال وحتى اليوم .. أما إنتصار النظام فيعنى ضياع فرصة الإصلاح السياسى .. وربما لسنوات طويلة .. إن لم يكن الى الأبد .. وقد تسألنى وما المخرج .. أقول لك تابعنى حتى نهاية هذا التحليل ..!
هذا أهم ما قلته ولكن أخطر ما خرجت به فهو أمر آخر .. فقد لاحظت .. ولا شك الكثيرين كذلك .. أن سؤالا ملحا ظل يتردد كل يوم .. تطرحه الحكومة وأنصارها .. بل وحتى بعض المعارضين .. وهو .. ما هو تجمع المهنيين .. ومن هم قادته .. وكيف ترهنون مصير البلاد لجهات مجهولة لا تعلمونهم .. ولئن كانت الحكومة تطرح هذا السؤال من باب التهوين من هذا الحراك أو تخويف الناس منه .. فبعض المعارضين يطرحون ذات السؤال من باب الغيرة السياسية .. كيف نجح هؤلاء فى ما فشلنا فيه طوال ثلاثة عقود ..؟ ولا أنكر أننى ظللت أطرح ذات السؤال عن ماهية هذا التشكيل وقدراته .. ولكنى أعترف أننى وقفت طويلا عند قدراته هذه .. ولعل ابسط .. وفى ذات الوقت أخطر ما يلفت النظر فى قدرات هذا التشكيل .. أنه يضرب موعدا للتظاهر .. مكانا وزمانا .. فيتحقق ذلك التظاهر .. أيا كان حجمه وتأثيره وتكوينه وانتشاره .. فهو يحقق شرط تنفيذ وفاء هذا التشكيل بتعهده للناس .. وقد يقول قائل إن إستخدام وسائط التواصل الإجتماعى هو الذى يسهم فى تحقيق ما نراه الآن .. فيأتيك الرد أنه صحيح أن الميديا الإجتماعية تلعب دورا كبيرا .. ولكن الصحيح ايضا .. أن جل الذين يخرجون يخرجون فى الواقع وهم يجهلون الداعى .. وهنا مربط الفرس ..!
ويبدو اننا فى حاجة ماسة لإستصحاب تاريخ الصراع السياسى فى الإسلام .. حين إنطلقت العبارة الأشهر فى تفسير المواقف الملتبسة .. ( ليس حبا فى معاوية ولكن كرها لعلى ) .. وما خلصت اليه هو أن سؤال ما هو تجمع المهنيين .. فى ظنى يدين الحكومة قبل أن يدين المهنيين أو من تبع تشكيلهم هذا .. عليه اعتقد بل أجزم أن السؤال المنطقى الذى يجب أن يسأله أى عاقل هو .. لماذا يتبع هؤلاء المتظاهرون جسما غير معروف ولا مرئى ولمجرد دعوات تصدر فى الأسافير ..؟ ويديرون ظهورهم لعُشرة ثلاثين عاما قضتها الإنقاذ بين ظهرانيهم .. ولن نقول فوق ظهورهم .. هذا هو السؤال الجوهرى بل والمحورى والإستراتيجى الذى ينبغى أن يعكف النظام .. بقادته وخبرائه وباحثيه ومراكزه على الإجابة عليه .. فإن وجدها وجد المخرج ..!
وعلى ذكر المخرج .. وحوار بيت البكا .. فكل المتداخلين والمعقبين قد أجمعوا على أمر واحد .. سأورده هنا فقط لتعلموا كيف سار الأمر وكيف إنتهى .. فقد أجمع من كان هتاك .. بلآ إستثناء .. ومنهم معارضون غلاة .. أن الرئيس ما يزال بيده وبإمكانه صياغة مشروع وطنى يمثل مخرجا .. هذا كان محل الإتفاق .. أما مكمن الخلاف .. فقد بقى البون شاسعا فى كيفية إعداد ذلك المشروع وكيفية الوصول اليه .. ففيما يرى البعض أن يطرح الرئيس مبادرة بالمعطيات التى يراها للإصلاح .. قطع البعض إن المشروع لن يستمد مشروعيته إلا من إستصحاب شروط الشارع ..!
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة.