حسن بشير: حتى لا يضيع الغربال

# لفترة طويلة جداً، آثرت الابتعاد عن كتابة العمود الصحفي، والتفرغ التام للعمل التحريري ربما لقناعة ورغبة مني في ملاحقة الأخبار، وممارسة جميع أشكال العمل الصحفي المهني..

# لكن ثمة بعض القضايا التي تجبر الشخص على العودة للكتابة خاصة عندما تكون هذه القضايا مصيرية وينبغي التعامل معها وفق المصلحة العامة لا الأغراض والأهداف الشخصية…

# ولما كان الجدل في المريخ محتدماً حول اللاعب محمد عبد الرحمن، كان لابد لنا أن تكون كلمة خاصة وأننا نعلم الكثير من التفاصيل عن مسيرة هذا اللاعب مع الأحمر، منذ أن فكر النادي في تسجيله مروراً بالمفاوضات التي قادها معه الرئيس السابق جمال الوالي وقتها وما حدث عقب ذلك..

# الكثير من الملابسات حدثت في صفقة اللاعب الغربال الذي أثبت يوماً بعد يوم أنه من أنجح الصفقات، وأقوى الضربات التي وجهت إلى الند التقليدي الهلال..

# يومًا وراء يوم ظل يؤكد اللاعب عظم موهبته، وأنه يمضي في الطريق الصحيح، وأن المريخ كسب درة ثمينة ينبغي أن يحافظ عليها، وأن تكون مدخلاً له في تسويق اللاعبين إلى الأندية الخارجية وجنى أموالًا طائلة من وراء ذلك..

# على المستوى الشخصي لم أندهش من الخطوة التي أقدم عليها الغربال والخاصة بالمغادرة إلى الجزائر دون علم المجلس، ولا أُقِر هذا التصرف مثلي والكثيرين من أبناء البيت الأحمر لكن.!!

# ولكن، والكلمة السابقة يجب أن يوضع تحتها ألف خط باعتبار أن هناك العديد من النقاط التوضيحية التي ينبغي أن يتم التداول والنقاش حولها ويجيء على رأس هذه النقاط أن المجلس لم يستطع أن يدير ملف اللاعب محمد عبد الرحمن بحكمة، وترو واحترافية كان يمكن أن تقود المريخ إلى بر الأمان، وتجعله ” الرابح” الأول في كل الحالات.!

# في اعتقادي أنه وبغض النظر عن تسجيل نادي المولودية للاعب محمد عبد الرحمن من عدمه، إلا أن الخصم الجزائري استطاع أن يوجه ضربة قوية للمريخ من حيث لا يحتسب…

# قد يتساءل الكثيرون وأين هي الضربة..؟ واللاعب في الأصل عقده لم ينته، وما زالت هناك شهور متبقية في عقده المبرم مع النادي..

# الضربة الحقيقية في أن نادي المولودية استطاع وبذكاء تام أن يخترق المريخ في أقوى ” لاعب” لديه، واستطاع أن يضرب الاستقرار الفني الذي كان يعيشه الفريق..

# منذ الأمس ولا حديث يعلو بخلاف معاقبة اللاعب محمد عبد الرحمن، وإيقافه عن ممارسة نشاطه.. عدد من أعضاء المجلس غاضبين تجاه التصرف الذي أقدم عليه الغربال .. كل هذا وذاك يشير بدقة إلى أن ما أراده الخصم نجح فيه وبامتياز..

# نجح المولودية في هزيمة المريخ خارج الملعب قبل أيام من مواجهته في ذهاب ربع نهائي البطولة العربية، بعد أن استطاع الضغط على أهم لاعب بالفريق وملاحقته ومن ثم إقناعه بالسفر وكان المجلس آخر من يعلم..

# كما أن التصرف الذي أقدم عليه الغربال يشير وبوضوح تام إلى أن هناك خللًا في العلاقة بين اللاعب ومجلس الإدارة .. وأن واحداً من الطرفين لم يعد يثق في الآخر..!

# منذ بداية الموسم الحالي، ولا حديث للاعب محمد عبد الرحمن بخلاف الاحتراف واللعب خارج السودان، الكثير من العروض التي تلقاها اللاعب لم يكن عرض المولودية الأول لكن كانت رغبة الغربال هذه المرة أكبر من المرات السابقة..

# وعندما أقول إن المجلس لم يدر ملف احتراف اللاعب بشكل سليم فإن قناعتي هي أن الخطوات في معالجة هذا الملف تمت ببطء شديد إذ كان للمجلس أن يحسم الملف بشكل قاطع ويحدد وجهة اللاعب إما بالبقاء النهائي أو الرحيل، لكن الإدارة لم تصدر قراراً قاطعًا، وما أعلمه أن باب التفاوض مفتوح لكن هناك تردد وعدم وضوح بشأن الكيفية التي سيتم إطلاق سراح اللاعب بها..

# البعض يتحدث عن تجديد، والمريخ لا يملك المال اللازم لذلك ولا أحد ينكر هذه الجزئية..

# وآخرون يخشون رحيل اللاعب وعودته بـ(كبري) للهلال وهؤلاء تسندهم بعض القصص السابقة وإن كان اللاعب قد نفى ذلك وأبدى استعداداً لكتابة ” تعهد” باللعب في السودان للمريخ وكفي حسب مقربين إليه..

# المطلوب الآن من مجلس المريخ استخدام كافة الخبرات والحكمة الإدارية في مثل هذه الحالات، يجب تفويت الفرصة أولاً على المولودية وأعداء المريخ الذين يرغبون في إنهاء علاقة الغربال مع النادي باعتبار أن الأخير هو بمثابة النجم الأول واللاعب الأخطر الآن..

# والمؤكد هو أن المسئولين ينبغي أن يشرعوا في الجلوس مع اللاعب ويناقشوا معه خياراته المستقبلية باعتبار أن ذلك يخدم كل الأطراف ..

# بالتأكيد كثيرون سيقولون وأين حقوق المريخ في التصرف الذي أقدم عليه اللاعب .. والإجابة هي أن الإيقاف ليس الحل المناسب لمثل هذه الأزمات …

# المريخ سبق وأن قام بإيقاف الكثير من اللاعبين ولم يجن النادي شيئاً بخلاف السراب.. إيقاف اللاعب لا يعني معاقبة الأخير وإنما تزيد معاناة النادي باعتبار أنه يفقد ” لاعب” من أهم عناصره في التوليفة الأساسية ..

# أخيراً .. الأحمر يحتاج إلى الكثير على صعيد اللوائح الإدارية، والتعامل الاحترافي، ومحمد عبد الرحمن ينبغي أن لا يكون ضحية للمزايدات ورد الفعل القاسي علي الأزمات.