باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

جمال علي حسن: تصنيفات الحراك و المخرج الوحيد

808
الأحداث الجارية في الساحة وحراك التظاهرات والإحتجاجات ينقسم في تقديري الى ثلاثة تيارات إحتجاجية الأول هو التيار التلقائي المنطلق من دوافع الضيق المعيشي والأزمات الإقتصادية وهو الأصل وصاحب المبادرة وهذا التيار لم يكن منظماً ولا يحمل أية أجندة سياسية محددة لدرجة أن أول أيام التظاهرات في عطبرة وبقية المدن خارج العاصمة لم يكن المحتجون يرددون أية شعارات محددة أو هتافات منظمة بل كانت هي غضبة شعبية صادقة دفعت الناس للخروج الى الشارع .
أما التيار الثاني فهو تيار يرهن معالجة الفشل الإقتصادي للحكومة بتغيير سياسي يتيح فرص جديدة للحل وهذا حق مكفول بالدستور وهذا التيار يبدو لديه تفهم أو انتباه لمخاطر التغيير الثوري الشامل وبالتالي لن يمانع من تقبل المعالجات والتسويات السياسية بحيث يحدث نوع من التغيير التدريجي الناعم الذي لا تدفع البلاد به فاتورة الفوضى الباهظة بسبب ارتباط النظام الحاكم في السودان بالدولة بشكل عميق ومتجذر يجعل خيارات إسقاط النظام كلياً تعني إسقاط الدولة أمنياً وتعريضها لمخاطر الصدام الشعبي والفوضى .
أما التيار الثالث فهو تيار سياسي مؤدلج ومشحون بأجندات الغبن السياسي تجاه النظام الحاكم كتنظيم ورموز ونخب وليس لديه أي استعداد لتقبل أطروحات التغيير التدريجي وهو في تقديري تيار مندفع وغير مبالٍ بنتائج هذا الإندفاع أو على الأقل غير مدرك لحجم المخاطر المتوقعة إن لم نقل الأكيدة .
وهذا التيار في تقديري لن يكون جزءاً من أي تسوية سياسية يمكن أن تتم في هذا البلد ، كما أن سيطرة خطابه الثوري الكاره للنظام بشكل تام على الحراك الإحتجاجي يعكس وجهاً بالغ التطرف لهذا الحراك وبالتالي هو يساهم بذلك في تعقيد الأمور أكثر وتسخين المواجهة بإخفاء الوجه الحكيم والمتعقل للحراك الذي تشهده البلاد وبالتالي يضع أمام الحكومة خياراً واحداً هو إثبات سيطرتها على البلاد بأي ثمن .
نكتب هذا المقال ونحن ندرك حدة الإستقطاب والتصنيف الموجودة في الساحة والتي تجعل التعامل مع الأفكار والأطروحات والتحليلات بحساسية عالية جداً لا تكاد تتقبل أية فكرة باردة إذ أن جميع الأفكار والآراء المطروحة في هذه الظروف تنقسم بنظر الكثيرين إلى آراء باردة متهمة وأخرى ساخنة بريئة هنا ومدانة هناك ..
أو مثل ما يسميها البعض – بين قوسين – ( ديكتاتورية الثورة ) .
علينا أن نقر جميعاً بوجود حاجة ملحة للتغيير الإيجابي الذي يفضي الى واقع جديد ، وحين نقول جميعاً فإننا نخاطب الحكومة والحزب الحاكم أولاً بأن يقر بالفشل الإقتصادي وتكرار محاولات عديدة للعبور من الأزمة الإقتصادية لم تكن ناجحة برغم تغيير وتبديل الطواقم التنفيذية أكثر من مرة ، وكذلك نخاطب القوى السياسية المعارضة بأن الشارع السوداني الذي يحتج على سياسات الحكومة حالياً لم تحمل احتجاجاته أية شعارات تعكس ثقته أو رهانه على تلك القوى المعارضة .
أما أصحاب خيار الكنس والإزالة الكاملة ، هذا التيار المندفع الذي تحدثنا عنه لا يستطيع أحدهم تقديم إجابة مقنعة عن سؤال حول ضمانات أمن هذا البلد في حال سقوط الدولة طالما أنكم تتحدثون عن نظام طبق سياسة التمكين في جميع مؤسسات الدولة ..
إن إسقاط الديكتاتوريات الفردية أسهل بكثير من فكرة إسقاط أنظمة ذات ايدولوجيا فكرية خاصة إذا كان فكر هذه الأنظمة إسلامياً في دولة ومجتمع مثل السودان والمجتمع السوداني .
وعليه فالمقارنة بين الإنقاذ ومايو غير دقيقة كما أن المقارنة بين الإنقاذ ونظام عبود بهذا المعيار غير موجودة من الأساس .
نرى أن يضع الجميع ( الكورة واطة ) وتطرح الحكومة بجدية حقيقية مبادرة سياسية جديدة للتغيير التدريجي الذي يعني تطوير الواقع السياسي ككل والإنقاذ الإقتصادي لهذا البلد ووضع أسس أكثر توافقاً على إدارة الدولة واستيعاب تيار التغيير الجديد الذي يقدم صوت العقل والحكمة لتمضي بلادنا بأمان نحو مرحلة جديدة تستوعب الجميع بلا إقصاء ولا تهور ولا دماء ولا رصاص .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

التعليقات مغلقة.

error: