باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

نازك شمام: الخطر الحقيقي

1٬674

تعدت آثار القرارات الإقتصادية التي إتخذتها الدولة مطلع العام الحالي، والخاصة بتحجيم الكتلة النقدية من التأثير على مفاصل الاقتصاد وحركته ودورانه المعتاد والطبيعي ومن إنعكاسه السلبي على حركة الإنتاج والإنتاجية إلى المسك بتلابيب النسيج الإجتماعي للمجتمع السوداني، وبات يشكل مهدداً خطيرا ً لكثير من الظواهر المجتمعية والدينية والتي عُرفنا بها وتفاخرنا بها مراراً وتكراراً ولكن الآن وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والتي القت بآثارها السالبة على كل مواطن سوداني فإننا في خطر ومهدد حقيقي في ظل مؤشرات الفقر التي باتت تظهر واضحة على العيان على محيا كثير من الأسر المتعففة والتي كانت تصنف سابقاً تحت قائمة محدودي الدخل ولكن مع الإرتفاع المهول والمستمر للأسعار السلع، تدنت هذه الأجور وجعلت كثير من العاملين في القطاعين العام والخاص يقفون في خط الفقر.

قديماً كان النسيج الاجتماعي والتماسك الأسري يقف عازلاً بين الناس والفقر فالأغنياء يساعدون الفقراء عبر ممارسات إجتماعية وعادات وتقاليد تربى عليها الشعب السوداني فكان ما يعرف ب(الكشف) أو (الختة) وهو ما يجمع من ميسوري الحال أو حتى غير الميسورين لمساعدة أحد في مناسبة إجتماعية بشقيها فرح كان أو حزن يقوم أحدهم بجمعه وتقديمه لصاحب المناسبة لمساعدته في قضاء تفاصيل المناسبة وهي عادة ضاربة في القدم وتربت عليها الأجيال ولكن الآن وفي ظل شح السيولة أضحى الأمر صعباً لا أحد يملك من النقد الكافي لمساعدة قريب أو صديق فالكاش غير متوفر وإذا لجأ الناس إلى التعاملات المصرفية فإنه وفي ظل عدم إستطاعتها إلا على توفير مبالغ محدده لاتسمن ولا تغني من جوع فهنا يجد المرء نفسه عاجزا عن المساعده.

أضحت هذه الظواهر الحميدة والتي تعكس نوعا من التكافل والترابط الإجتماعي في خطر حقيقي ينسف مفاصل المجتمع السوداني الذي طالما تباهي بترابطه وتماسكه غير أن الخطير في الأمر أن هذه آثار شح السيولة انتقلت من الظواهر الاجتماعية الى القيم الدينية ففي أعتاب نهاية العام يلجأ عدد كبير من التجار إلى إخراج زكاتهم من قيمة رؤوس الاموال التي دار عليها الحول فكيف سيستطيعون في هذا الوقت إخراج الزكاة ، والبنوك لن تستطيع أن توفر قيمتها نقدا ، وهل سيستطيعون إعطاء الزكاة عبر الشيكات مع مراعاة أن أغلب مستحقيها من كبار السن والعاجزين عن العمل والحركة وهم بالطبع لادارية لهم بتفاصيل الإجراءات المصرفية بل أن أغلبهم لايمتلك حسابات بالبنوك فماذا هم فاعلون.. هل عرف الآن ولاة أمرنا أي طريق سلكوه من أجل أهداف لم تحقق ولن تتحقق وما آن لهم الرجوع عنه فالرجوع إلى الحق فضيلة.

نازك شمام

التعليقات مغلقة.

error: