ما يُقال حول تهريب “البنزين” و”الجازولين”، وبيعه في السوق الأسود، مجرد تبرير مضحك، وشماعة جاهزة لتعليق الأخطاء.
الوقود ليس ذهباً، يُمكن تهريبه تحت الملابس أو في الحقائب، فهو السلعة الوحيدة التي يسهل كشف تهريبها دون كثير عناء.
في فبراير الماضي، طبقت وزارة النفط والغاز نظاماً جديداً لمراقبة حركة ناقلات الوقود والمستودعات لضمان استقرار الإمداد النفطي في جميع ولايات السودان، وأعلنت الوزارة في ذلك الوقت ما سمته حوسبة جميع محطات الخدمة لمراقبة حركة المشتقات النفطية.
الخبر لم ينتهِ عند هذا الحد، فوزير الدولة بالنفط سعد الدين البشرى، تفقد مشروع حوسبة المحطات المتطور، الذي يتيح رؤية جميع محطات الخدمة بولاية الخرطوم.
نُظُم المراقبة والكاميرات مُفعلة لدى شركات السيارات المقتدرة في السودان، فالسائق إن نزل من الشاحنة لقضاء أي حاجة تُظهر الكاميرا توقيت نزوله بل أيضاً وجهته.
هذا النظام بحسب المعلومات المتوفرة أُنفق عليه ملايين الدولارات، وتمت الحوسبة ببرامج متطور للغاية، لدرجة أنه يحسب منذ بدء إنتاج الوقود في المصفاة حتى تغذية “المسدس” للعربة.
إن كان هذا البرنامج مطبق، فكيف يتسرب الوقود، ولمصلحة من؟ وإن كان مُعطلاً فلِمَ لَمْ يتم تصليحه؟!
مع ذلك، دعكم من نُظم المراقبة والكاميرات.. الورق والتوقيع يكفيان لكشف أي متلاعب بحصص الوقود وتهريبه.
منذ وصول الوقود إلى بورتسودان، أو منذ جاهزيته في مصفاة الخرطوم، يتم تسليم الحصص إلى أفراد معروفين وليسوا مجهولي الهوية.
سائقون، يقودون التناكر والشاحنات المحملة بالبزنين والجازولين من جهة معروفة وبكمية معلومة ليتم إيصالها إلى محطات معينة.
المُسَلِّم والمُستَلِم، و”أطنان الوقود” كل ذلك معروف، ما الذي يحدث؟! من الذي يهرب؟!
هنا، لا يوجد “سمسارة” أو وسطاء.. كلهم وزارات وإدارات وأفراد وجهات اعتبارية تتبع للحكومة، فكيف يتم التهريب؟!
يضرب بعض المسؤولين مثلاً ببضعة جوالين في جركانات يتم تهريبها في السوق الأسود وتُباع بأسعار عالية، ليأكدوا وجود تهريب.
يبدو أن هناك خللاً واضحاً يستوجب مراجعة ومعالجة، وكذلك محاسبة، فهو شيء لا يُصَدق.
صحيح أن السبب المعلوم الذي لا خلاف حوله، هو شح النقد الأجنبي بصورة حادة وتأخر الاعتمادات المالية في الوقت المناسب، لكن هناك مسببات أخرى تؤدي إلى أزمات الوقود والدقيق والدواء أبرزها انعدام الرقابة والمحاسبة.
لن يُصغيَ أحد لأحاديث الحكومة أنها تدعم الوقود والدواء والخبز بملايين الدولارات، فالحال يُغني عن السؤال.
التعليقات مغلقة.