قبل يومين، وفي ختام الملتقى التنظيمي للمؤتمر الوطني، الذي ضم عددا من مسؤولي الحزب، دعا القيادي فيصل حسن إبراهيم، قيادات الوطني، للنأي عن الجهوية والقبلية في حملة البناء الحزبي، محذراً إياهم من الشروع في تكوين تكتلات تنظيمية أو السعي لاستقطاب العضوية بشأن الترشح لمنصب الوالي في الانتخابات القادمة.
دعوة جميلة ذات أهداف عميقة، يُطلقها نائب رئيس الحزب.
ربما يُحاول فيصل إصلاح أحد أسوأ السياسات، التي رسخت وتماشت مع مفهوم القبلية خاصةً في السلطة، إلا أن عامل الزمن قد يهزم المحاولة، حال أجريت الانتخابات في موعدها المحدد. فطالما أن الولاة منتخبون ولا يُعيّنون سياسيّاً، لن يدفع الوطني بمرشح من الجزيرة ليصبح والياً على سنار، أو يأتي بآخر من الشمالية ليُنتخب في دارفور.
ذلك، كان يُجدي في السابق، قبل سنواتٍ طويلة مضت.
فقد كان معروفاً أن الانتماءات السياسية تعلو ولا يُعلى عليها من أي انتماءات أخرى، كانت قبلية أو غيرها.
ولعل البعض يتذكر، أن بعض أعيان القبائل زاروا الوطني وتحدثوا إلى قياداته، متذمرين من عدم تضمين التشكيل الحكومي أحداً من أبنائهم.
تطور الأمر من الزيارات الودية وتبادل اللوم والعتاب إلى احتجاجات وخطابات رسمية أرسلت للوطني بل ولرئاسة الجمهورية أيضاً، في خطوة لم يسبق عليهم حزب أو أحد!
كان ذلك يعكس مستوى تفكير بعض المكونات الاجتماعية التي استقطبها الوطني ورسخ فيها ذاك المفهوم.
لذا لم تكن هناك مهمة معقدة في السودان مثل إعداد وإعلان تشكيلة حكومية تُراعى فيها الانتماءات السياسية والتوزيعات الجغرافية والأسماء القبلية.
ولأن هذا النهج لم يترسخ في عام أو اثنين، لن يكون “محوه” وتفكيكه، سهلاً، إنما قد يستغرق أضعاف المدة.
الإعلام، ظل حاضراً ومساهماً في نبذ القبلية، لكنه لم يجد السند الكافي من الدولة و”الحزب” بل إن الكتابة في هكذا موضوع، يمكن أن تُصنِّف الكاتب بالـ”عنصري” أو تُعرّضه إلى عداء قبيلة أو منطقة أو إقليم، وأي من الصحفيين والكُتاب كان في منأىً عن ذلك، لأنه سيقف أمام عاصفة غير مضمونة النتائج.
ها هو الوطني، رأى آثار القبلية، بعد أن أصدرت “جماعات معينة” بعد التشكيل الحكومي الأخير، بيانات احتجاجية، لأن قبيلتها عانت من “تهميش حكومي”، وأن تصدر هذه التحذيرات لهو شيء جيد، فكما يقول المثل: أن تأتي متأخراً، خيرٌ من أن لا تأتي!
التعليقات مغلقة.