:: ومن طبيعة الأشياء أن ترتفع أسعار السلع والخدمات سنوياً، وهذا ما يحدث في كل دول العالم، أو هكذا نطمئن أنفسنا عملاً بمنطق الحكومة وأسطوانتها (الغلاء دا عالمي).. وكذلك أن ترتفع أسعار السلع والخدمات كل ستة أشهر أيضاً (مهضومة)، وربما يحدث في دول العالم الثالث.. وأن ترتفع الأسعار كل ثلاثة أشهر أيضاً (مبلوعة)، وربما يحدث في دول العالم الأخير.. ولكن، ربما لوقوع بلادنا خارج الكرة الأرضية، ترتفع الأسعار يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً كحدٍّ أقصى..!!
:: وعلى سبيل المثال، قبل أن تتحصل شركات الطيران ووكالات السفر ديون تذاكر ما بعد الزيادة الأخير، وكان في شهرٍ فائت، صدر هذا الخبر في صحف الخميس الفائت بالنص الآتي: “أعلنت شركات الطيران العاملة في الرحلات الداخلية عن رفع أسعار تذاكر رحلاتها بنسبة تصل إلى (60%)، وتمثل هذه الزيادة الثالثة خلال هذا العام.. فالخرطوم بورتسودان (2.440 جنيهاً)، الخرطوم الجنينة (4.170 جنيهاً)، الخرطوم نيالا إلى (3.415 جنيهاً)، الخرطوم الفاشر (3.110 جنيهات)..!!
:: تلك هي الأسعار الجديدة في بلاد موصوفة بمترامية الأطراف وذات مطارات مهجورة.. علماً بأن هذه الأسعار الجديدة (مؤقتة أيضاً)، أي لحين زيادة أخرى خلال شهر أو ثلاثة أشهر.. تخيلوا، فإن هذه الزيادة هي الثالثة خلال هذا العام، وهذا لا يحدث إلا في بلادنا.. وكل زيادة مراد بها ملاحقة أسعار الدولار والوقود والرسوم والضرائب والجمارك.. ودائماً ما تطالب شركات الطيران سلطة الطيران المدني بأسعار أعلى من المعلنة، ثم توافق على الأسعار المعلنة لحين زيادة أخرى..!!
:: لا نلوم شركات الطيران، لقد ارتفعت أسعار الوقود أضعافاً، وترفض الحكومة منح الشركات الوطنية (أسعاراً تفضيلية)، كما تفعل أنظمة دول العالم مع شركاتها.. وكذلك ارتفع سعر الدولار – الأسود – إلى ما ينقص عن السبعين جنيهاً قليلاً، وترفض الحكومة التعامل مع شركات الطيران بدولار البنك المركزي أو المسماة بالآلية، فتلجأ الشركات إلى (السوق الأسود)، وهذا ما لا يحدث بدول العالم التي تحمي شركاتها وتدعم موطنها، باعتبار أن الرحلات الداخلية بمثابة خدمات وليست رفاهية..!!
:: وما لم تتدخل رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء بالحلول، فإن الأهل بدارفور والنيل الأزرق وكسلا والبحر الأحمر – ومرضاهم – على موعد مع زيادة في أسعار تذاكر الطيران تقدر نسبتها بـ(60%).. لكل مدائن وأرياف البلد وسائل سفر أخرى يمكنهم من الوصول إلى الخرطوم خلال ساعات، ما عدا أهل دارفور والنيل الأزرق والبحر الأحمر الذين يعتمدون كثيراً في نقل مرضاهم بالطيران.. وليس منطقياً أن يدفع المريض ومرافقه كل تلك الأموال ثمناً للوصول إلى مشافي الخرطوم..!!
:: لو كان مجلس الوزراء رحيماً بمرضى الولايات، فليقترح إعفاءً أو تخفيضاً للرسوم عن الرحلات الداخلية.. فالنهج الحكومي لا يزال يتمادى في إرهاق المرضى، وإغلاق ما تبقت من مطارات البلد، وعزل مدائنها عن بعضها، بفرض ما يشبه الجزية على شركات الطيران (رسماً وضرائباً وجماركاً)، ثم تسعيراً غريباً للوقود.. مُعيب للغاية أن تبيع الحكومة الوقود للشركات الوطنية بذات الأسعار التي تبيع بها للشركات الأجنبية..!!
التعليقات مغلقة.