:: (أخيراً)، أي بعد ست سنوات من التخريب، أصدر رئيس الوزراء قراراً بفك احتكار بنك السودان لصادر الذهب، لصالح القطاع الخاص .. فالخراب الذي أحدثه احتكار بنك السودان لصادر الذهب لم يكن بحاجة إلى كل هذه السنوات من التجريب، ولو جمعنا تحذيراتنا واستنكارنا لهذا الاحتكار، لأعددنا كتباً وليس كتاباً، ومع ذلك كابروا ثم واصلوا في سياسة التخريب حتى يوم قرار الأمس.. لم يستبينوا النصح، ليس جهلاً بعلوم الاقتصاد، ولكن مصالح مراكز القوى – التي فرضت الاحتكار – كانت أقوى من مصالح الناس والبلد..!!
:: وقبل خمس سنوات، أي بعد عام من الاحتكار، قال الوزير الأسبق بوزارة التعدين كمال عبد اللطيف، : (مليون أسرة سودانية تعمل في مجال التنقيب ، بينهم أكثر من ( 150 ألف خريج)، وأن حجم الشركات بلغ (15 شركة عالمية ومحلية)، ولم يتراجع حجم الإنتاج، ولكن زاد حجم التهريب وانخفض البيع لصالح بنك السودان)، هكذا كان تصريح الوزير المسؤول عن التنقيب، واضحاً .. لقد كشف ملامح التخريب الذي يحدثه الاحتكار في الاقتصاد الوطني، فالإنتاج الغزير كان من أجل التهريب، وليس التصدير.. !!
:: والمهم، بعد قرار رئيس الوزراء، يقول عبد المنعم الصديق رئيس شعبة مصدري الذهب : إن الشعبة آلت على نفسها العمل بإرجاع صادر الذهب إلى الشركات تجنباً لتهريبه إلى الخارج، وأن الفترة الماضية شهدت إهداراً لموارد كبيرة من المعدن، ثم تعهد بالنص : ( بعد اليوم لن نسمح بتهريب جرام واحد خارج حدود البلاد).. وقد صدق، إذ ليس فقط بسعره الذي يشجع المواطن على التهريب، ولكن بسياسة الاحتكار التي فرضها بنك السودان، فقد السودان الكثير من عائد صادر الذهب .. !!
:: والشاهد قبل أن تفرض مراكز القوى الاحتكار بواسطة بنك السودان، لم يكن هناك تهريب لحد تقزم الصادر رغم غزارة الإنتاج، باعتراف كل وزراء التعدين .. والبلاد لم تستفد من احتكار البنك المركزي لسوق الذهب غير ارتفاع نسبة التضخم، وانخفاض الصادر وارتفاع نسبة التهريب، باعتراف لجنة الطاقة بالبرلمان .. وليس في أمر هذا الخراب عجباً، فالفائدة الاقتصادية للبلاد وشعبها دائماً في سياسة التحرير التي يطبقها (المواطن فقط)، أي حين يصطلي بارتفاع أسعار الرغيف والدواء والغاز و الكهرباء وغيرها ..!!
:: بعد عام من تجريب الاحتكار، كان يجب توفير مناخ المنافسة العادلة للمصارف والشركات لتنافس بعضها في الشراء والتصدير ..ولكن للأسف، ظل بنك السودان يكتم أنفاس المنافسة بقبضة الاحتكار، ثم بسعره الذي يًشجع على التهريب، لأن المنتج دائماً ما يسعى إلى أعلى الأسعار، ولو بالتهريب .. والذين فرضوا الاحتكار يعلمون بأن شركات القطاع الخاص هي التي كانت تعمل في سوق الذهب بمنافسة شريفة، وعبر قنوات الدولة الرسمية، وتأتي بحصائل الصادر قبل تصدير الذهب، أي بما كان يسمى بنظام (الدفع المقدم)..!!
:: نعم، لأن سلطات البنوك المركزية، في طول الدنيا وعرضها، لا تتجاوز التشريع والرقابة، كانت شركات القطاع الخاص بالسودان، عبر البنوك التجارية، تأتي بحصائل الصادر (أولاُ)، ثم تشتري الذهب من شركات التنقيب والأهالي بأسعار مُحفزة للمنتج، ثم تصدره – عبر القنوات الرسمية – بعد سداد ما عليها من رسوم وضرائب وغيرها ..هكذا كانت فوائد الإنتاج والتصدير، ولم يكن هناك تهريب عبر مطار الخرطوم، ولا (جوكية) تحت مسمى وكلاء بنك السودان .. وهكذا .. ليس الذهب فقط، بل كل موارد البلاد، لو لم تكن مرتعاً لفساد المفسدين، فإنها تكفي شعبنا وتفيض..!!
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.