الذي يطلع على سيرة السلف الصالح يجد أنها تحوي الكثير من المواقف التي تشير إلى هيبتهم من تولي المناصب العامة إما ورعاً وإما زهداً مما يدل على أن هؤلاء السلف كانوا يستشعرون المسؤولية فلا يرون إلا جانب التكليف في المسألة الذي في مرات كثيرة كان يثنيهم عن قبول المنصب استشعاراً بالخوف من تولي المسؤولية.
مما يدهش حقاً أن ما يغلب اليوم في هذا (العهد النضير) أن محرك التنافس على تولي المناصب العليا في البلاد لم يعد هو بذل الجهد للإنتاج وترقية الأداء، بل الطمع في السلطة والمخصصات والمكانة الاجتماعية وقد رأينا بأم أعيننا كيف تتحول منازل المسؤولين عندما يتم تعيينهم إلى ساحات للاحتفال يأتي إليها المهنئون من كل فج عميق وتنحر فيها الذبائح ويصدح فيها الفنانون ثم تمتلئ صفخات الصحف بالتهنيئات والمباركات!
تعال معي عزيزي القارئ أذكرك بمنظر ربما يكون قد مر عليك كثيراً وهو لطفل رضيع جائع ما أن تعطيه أمه (البزازة) حتى يكف عن البكاء ثم ما أن تنزلق منه (البزازة) وينقطع (مصه) لما تحويه من (لبن) حتى ينخرط في بكاء شديد لا يتوقف عنه إلا بإعادة تدفق اللبن من جديد إلى فمه!
هذا المشهد الذي لابد أنه قد (مر عليك) عزيزي القارئ يجسده ما قاله احد النواب البرلمانيين مؤخراً والذي (جاب الديب من ذيلو) وهو يصرح قائلاً: (نحن ضُقنا الحُكم لو قلعتوهوا مننا بنبكي وبُكانا شين)!
وللنائب المحترم ألف حق.. فما أجمل (الرضاعة) وانسياب (الألبان) الطاعمة إلى هذه الأفواه الجائعة وما أقسى (الفطام) خاصة إذا كان الرضيع من فصيلة الكائنات التي لا تشبع والتي قد ربطت (البزازة) على فمها ربطاً محكماً وقامت بلصقها عليه بـ(صباع أمير)!
للنائب المحترم ومن هو مثله ألف حق أن يبكي (بكا شين) كما ذكر وأن يصرخ ويولول و(يحرد) ويضرب (راسو بالحيط) إن تم نزع الحكم عنه وعاد شخصاً عادياً دون (جلابية) زبدة وعمة (توتال) ومركوب (نمر) وعصاة (أبنوس) يرفعها عالياً في الملمات والخطب مردداً شعارات والزيف والفراغ!
هل يعتقد النائب المحترم و(أمثاله كثر) أن الكراسي التي يجلسون عليها (حق مستحق) وأن (نزولهم عنها) الذي يستوجب (السكلي) والبكاء الحار (الشين) هو ظلم وإجحاف في شخوصهم التي ما كان (السودان) ليطالع وجوهها لولا (حظنا الهباب)؟
يقولون في العامية السودانية أن (فلان فكَّ آخرو) بمعنى أنه أفرغ آخر ما في جعبته من حديث ما (بعدو كلام)، والعبدلله يرى أن النائب المحترم قد (فكّ آخرو) وكما يقول أولادنا هذه الأيام (أدانا الزيت) إذ أوضح لنا بحديثه هذا وبجلاء تام أن القوم من (أدناهم إلى أعلاهم) بعد أن (ضاقوا الحكم) وبريق السلطة و(مص اللبن) فإن أي (قلع) للبزازة يعني أنو (ح يفرشو عديل).
وربنا يستر من إهالة الرماد على الرؤوس والسكليب و(الحي وووب)!
العبدلله ومن واقع سنن الحياة التي تقول فيما تقول: (لو دامت لغيرك لما آلت لك)، يتوجه لذلك النائب البرلماني ولكل الخائفين من (قلع) الحكم وزوال المنصب عنهم و(العودة القسرية) إلى حياة (الشدة) و(اللا سلطة) بهذه النصائح والتوجيهات:
• حاول من الآن أن تترك العربة (الميري) ذات الوقود (المجاني) بعض الوقت والعودة إلى قضاء حوائجك بالوسيلة التي كنت تتخذها من قبل (كداري طبعن ) حتى إذا نفذ قدر الله وبعد ما (أخدتا بكيتك) تجد أن عضلات رجليك قد أخذت قدراً من الإحماء والمرونة يؤهلك للحركة بانسياب.
• توقف تدريجياً عن أكل اللحوم والشواءات بأنواعها وتوقف عن تناول (التحلية) فبعد سقوط (البزازة) وتوقف ضخ (اللبن) لو قدرتا على (الموز) ده تكون ما خليت حاجة.
• حاول أن تعود (أولادك) على المناهج السودانية الحكومية فبعد أن (تاخد بكيتك) ويتم نزع (البزازة) وتواجه الواقع ستعلم أن مواصلتهم في المدارس الخاصة هو ضرب من ضروب الاستحالة (تجيب من وين؟)!
• قم بتوجيه (المدام) منذ الآن بالبحث عن (حنانة) قريبة من البيت عشان تجيها فبعد (رفع الفراش) و(البكا الشين) سوف تختفي (اللاندكروزر) وبالطبع لا يمكن لزوجة نائب برلماني (سابق) أن (تندفس) ليها في (حافلة) أو (تنحشر) ليها في أمجاد.
• إذا كان لديك أبناء في سن الزواج فحاول أن تزوج ليهم الآن قبل (وقوع الفاس في الراس) وقلع (البزازة) مستفيداً من التسهيلات الممنوحة لك.. (قاعة النادي) و(العربات).. إلخ.. لأنو القصص دي بعدين ح تكلفك كتير!
• وأخيراً قبل نزع البزازة حاول أن تكون ضمن أول فوج حج حكومي قادم.. عشان تكلفة الحج بقت 140 مليون ولو ما حجيت (ملح) تاااني الله يعلم تحج!
كسرة:
القصة جابت ليها (بكاء) وشين كمان!!
كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 103 واو – (ليها ثماني سنين وسبعة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 62 واو (ليها خمس سنين وشهرين).
الجريدة
التعليقات مغلقة.