:: رافضاً الدورة المدرسية بشكلها الراهن، يقترح الأخ الأستاذ أحمد المصطفى إبراهيم ما يلي: (ماذا لو عادت الدورة المدرسية نشاطاً تربوياً خالصاً سقفه الولاية؟).. وأخشى أن يروق هذا الاقتراح لسادة الحكومة، فيتخلصوا من فكرة الدورة المدرسية وأهدافها بالإلغاء أو بحيث تكون ولائية، وخاصة أن السادة تروقهم مثل هذه (الحلول الغريبة).. فعلى سبيل المثال، عندما رفعوا الدعم عن القمح والدقيق، كان هذا الرفع حلاً لقضية مكافحة تهريب الدقيق.. وكذلك عندما قرروا تصدير إناث الأنعام، كان هذا التصدير حلاً لقضية مكافحة تهريب الإناث..!!
:: ولأنهم على هذا المنوال يفكرون، نخشى أن يعالجوا سلبيات الدورة المدرسية بإلغائها أو تحويلها إلى ولائية.. وبالمناسبة، قبل أشهر أيضاً، ما أن تم إحراج السلطات الحكومية بكشف أوراق امتحانات مادة الكيمياء، فبدلاً عن نقد المسؤولين عما حدث ثم الحديث عن ضعف التأمين ومحاسبة المسؤولين مع طرح الحلول بحيث لا يتكرر التسريب، شرع البعض يُفكر للحكومة بصوت عال، ويُبرر للعاجزين عجزهم عن تأمين أوراق الامتحانات، ثم يقترح إلغاء قومية امتحانات الشهادة السودانية، واستبدالها بما أسموه (امتحان ولائي)..!!
:: وكما تعلمون، فعند كل أزمة، هناك وسائل كثيرة لإخراج رأس الثور من الجرة، ولكن السادة العباقرة لا يفكرون إلا في قطع رأس الثور (أولاً)، ثم تكسير الجرة (لاحقاً).. ولذا نخشى على مصير الدورة المدرسية حين يفكرون في معالجة سلبياتها.. ومن المحن أن نعض على السلبيات بالنواجذ خوفاً من حلولهم (الشتراء) أو (القاضية).. فالدورة المدرسية التي تحتفل بها مدارس السودان بولاية جنوب دارفور، فكرة جادت بها الصحافة السودانية في (الزمن الأخضر)، بحيث لم تكن متهمة بالتخريب لحد الرقابة والمصادرة، أو بالعمالة لحد التوقيع – بالإكراه – على ميثاق الشرف..!!
:: والمهم، هي فكرة جادت بها قريحة أستاذنا الراحل حسن مختار بصحيفة الصحافة في العام (1972)، له الرحمة والمغفرة بإذن الله .. دعوه – في العام 1996 – لتكريمه في الدورة المدرسية بعطبرة.. وعندما جاءه دوره في استلام الشهادة التقديرية، اكتشفوا أنهم لم يطبعوها.. وعندما غضب، وعدوه بالاستلام في الخرطوم، ولم يستلمها حتى يوم رحيله إلى رحاب الله.. فالدورة المدرسية إحدى بنات أفكاره.. ثم نزلت الفكرة إلى مدارس بلادنا.. فتبنوها وغرسوها، ثم صارت بالري المنتظم شجرة ذات ظلال تحتشد تحتها طاقات التلاميذ ومواهبهم..!!
:: وهي شجرة لتلاقي أبناء البلد ليتعارفوا ويتآلفوا على (حب الوطن)، وليس الولاية فقط.. أو هكذا فكرة الدورة المدرسية.. فالغاية ليست هي أن يأتي فريق من الشمالية أو نهر النيل ليتبارى – في كرة القدم – مع فريق شمال دارفور أو النيل الأبيض، وينتصر ثم يعود بكأس المنافسة، و(خلاص).. ما هكذا جوهر الفكرة، بحيث يطالب البعض بعدم الصرف عليها.. بل، كل فريق عائد إلى موطنه الصغير يجب أن يعود بحب الفريق المنافس وموطنه الصغير.. وحاصل جمع حب هذه الأوطان الصغيرة هو الذي يرسخ في قلب الطالب حب (لوطن الكبير)..!!
:: نعم، ربما في غفلة المسؤولين عن التربية والتعليم – أو بعلمهم ورضاهم – تم تسييس الدورة المدرسة، ليس فقط بحشو برامجها الثقافية بالشعارات والهتافات السياسية، بل ينتظرها الولاة أيضاً ويتصارعون لاستضافتها ليمرروا – عبر زخمها الإعلامي – خطابهم السياسي، وأحياناً لإعلان وتجديد (البيعة)، وبهذا تكون الدورة المدرسية قد انحرفت عن مسارها.. وعلى أساتذة التربية توخى الحيطة والحذر بحيث (لا تنحرف)، وكذلك على الصحافة رصدها ومراقبتها ونقدها وتصويب مسارها، بدلاً عن (هدم الفكرة)..!!
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.