بخروج رجل الأعمال فضل محمد خير من زنازين نيابة أمن الدولة، طُوِيَ ملف ما سُمّي بمحاربة “القطط السمان”، الذي “دُشن” بداية مارس الماضي.
لا نعلم إن كنا تبلّينا على فضل وصحبه السابقين، بأن كانت أموالهم وثرواتهم محل شهوة الحكومة وتربصها، فانتظرت ساعة الصفر لتبدأ سلسلة إجراءات في مواجهتهم، بتحريات وتدوين بلاغات وحبس في الزنانين، كنوع من ممارسة الإرهاب والضغط، كي يتنازل أولئك “القطط” من دولاراتهم وأرباحهم التي جنوها خلال عقود وسنوات، ومن ثم يغادرون إلى حال سبيلهم.
أو أن العدالة باتت “مُعوجّة” قليلاً، تسمح بممارسة “التحلّل” رغم أنها تُعلن غير ذلك، وتتيح خيار “التعويض” المادي للابتعاد عن شبح الزنازين، وتُبعد عقوبة السجن لمن يدفع أكثر، ليُصبح بذلك المعتدي على المال العام، مواطناً عادياً، لا تقع عليه عقوبة، يكتفي فقط بإعادة المبلغ “محل النهب والتجاوز”!
إذن.. لماذا كانت الدولة على لسان وزرائها ومسؤوليها ونوابها البرلمانيين تتحدث عن محاربة الفساد؟!
أولى نقاط محاربة الفساد ممارسة العدالة، والعدالة لا تعني الطرفين فقط “المتهم والشاكي” بحيث إن اتفقا على تسوية ما بمبلغ محدد، جاز إنهاء القضية وإغلاق الملف.
لا يمكن أن تُحارب الفساد عبر إعادة المال المتجاوز، دون تطبيق عقوبات أخرى رادعة!
إننا نحاكي دائماً أسهل التجارب التي لا تتطلب وقتاً أو جهداً.
هذا بالضبط ما حدث في المملكة العربية السعودية باحتجاز أمراء في أشهر فنادق الرياض، والدخول معهم في مفاوضات للتنازل عن حصص مالية مُقدرة.
بلا شك أيضاً، أن بعض أولئك المُتهمين، قد تعرضوا لـ”تشويه صورة” حال تم القبض عليهم دون دلائل كافية، فخرجوا من الزنازين دون تسويات ودفع تعويضات، ولم تُحَوّل قضيتهم إلى “محكمة” لتُثبت براءتهم مما نُسب إليهم.
ما اختلف فقط، هو “فقه السترة” الذي كان مُطبقاً في السابق، بإعادة المتجاوز ما اعتدى عليه من أموال “بسرية”، فتحول الأمر بأن يعيد المتجاوز الأموال المنهوبة بصورة علنية!
هل يا ترى يحق لصغار الموظفين الذين دُوِّنَتْ بلاغات سرقة واختلاس في مواجهتهم بالتحلل بذات الطريقة؟
هل تُطبّق هذه النصوص القانونية “المزاجية” على الجميع بلا محسوبية؟
فليصبح الجميع قططاً وأفيالاً، فأقصى ما يمكن تطبيقه عليهم، إيراد اسمهم في كشف “حملة المكافحة”، وتنازلهم عن أموال أمام النيابة التي قادت وساطة، ليحفظ البلاغ ضد مجهول!
التعليقات مغلقة.