باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

الخرطوم والقاهرة.. الابتعاد عن الانزلاق

1٬494

الخرطوم: باج نيوز
الملفات الخلافية المشحونة بالتوتر، بين الخرطوم والقاهرة، كادت أن تنسف العلاقة من جذورها، ولكن التفاهمات السياسية في الآونة الأخيرة، وقمة البشير والسيسي، الثالثة والعشرين، التي التأمت اليوم بالقصر الرئاسي بالخرطوم، يبدو أنها كبحت البلدين من الانزلاق نحو الهاوية.
وأبرز الملفات الشائكة بين البلدين، تشمل النزاع بين الجارتين بشأن السيادة على مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودي، وملف سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل.
ومؤخراً، شهدت العلاقات بين الجارتين توتراً ومشاحنات في وسائل الإعلام؛ بسبب تلك القضايا الخلافية، خاصة وأن القاهرة تتخوف من تأثيرات سلبية محتملة لسد النهضة على حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي لمصر.
حسناً، الرئيسان السوداني والمصري، اتفقا اليوم، عقب المباحثات التي استمرت يوماً واحداً، على تعزيز فرص التكامل والوحدة، وتسهيل حركة المواطنين والسلع بين الدولتين.
بالنسبة إلى الرئيس البشير، الذي تحدث في المؤتمر الصحفي المشترك، مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، فإن العلاقة بين السودان ومصر ليست خياراً، وإنما فرض عين، نتيجة لتطورات العالم الحالية، وأن التقارب والتعاون أمر حتمي بين البلدين، وتعبير حقيقي عن رغبة الشعوب في التواصل.
التجارة والاقتصاد بمثابة عصب الحياة للدول، لذلك فإن البشير، ركَّز بصورة جذرية على تلك الجُزئية، واعتبر المهمة الرئيسية بالنسبة إليهما تتمثل في إزالة العوائق في حركة السلع والمواطين بين البلدين.
أما الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، فصوب في ذات الاتجاه، فذكر أن الحقيقة الثابتة أظهرت أن الأيام والسنين لم تكسب العلاقة الأخوية، إلا المزيد من القوة والمتانة والقدرة على التصدي لأي تدخلات خارجية، ومعالجة أي مشكلات مصطنعة، كما أنها عكست حجم ما يعلقه شعبا البلدين من آمال وطموحات عريضة نحو تحقيق مزيد من التكامل والترابط بين البلدين.
وكانت اللجنة الوزارية السودانية المصرية المشتركة، برئاسة وزير الخارجية السوداني، الدريري محمد أحمد، ونظيره المصري، سامح شكري، اعتمدت أمس الأربعاء، 12 اتفاقية تعاون مشترك.
وشملت الاتفاقيات مجالات التجارة، والزراعة، والصحة، والتعليم العالي، والنقل، والأيدي العاملة، والإعلام، والشباب والرياضة، والهجرة.
كما تضمنت تبادل الخبرات ورفع القدرات في المجالات الدبلوماسية والفنية، واتفاقية التعاون الموقعة بين اتحاد أصحاب العمل السوداني، واتحاد الغرف التجارية المصرية.
ويقول السفير المتقاعد، الطريفي كرمنو، إن زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى السودان، وتوقيع الاتفاقيات المتنوعة بين البلدين، بمثابة “فأل حسن” بعد التوتر المتصاعد في الفترة الماضية.
ورأي كرمنو، في حديثه لـــ(باج نيوز)، أن “السودان ومصر تربطهما علاقات مشتركة، ويُحمد لقيادات الدولتين أن عادت إلى رشدها، والتفتت إلى المصالح، ولا مجال لهما إلا التعاون حاليًا، خاصة في مجالات الربط الكهربائي والسكك الحديدية، وغيرها من المشاريع التنموية الأخرى”.
وأضاف، “الاتفاقيات بين البلدين، تُعتبر تقدمًا ملحوظًا في مسيرة علاقات البلدين، سواء طُبقت أو لم تُطبق”.
وأعلن الجانب المصري، في أغسطس الماضي، اكتمال تنفيذ التصميمات الخاصة بمشروع الربط الكهربائي مع السودان، وبعدها بشهرين، شهدت القاهرة مباحثات بين وزارة النقل والهيئة العامة لسكك حديد مصر، لتنفيذ مشروع خط ربط السكك الحديدية بين البلدين.
بالنسبة إلى وزير النقل والتنمية العمرانية السوداني، حاتم السر، فإن البشير والسيسي، سيشهدان بالخرطوم توقيع اتفاقية بينهما لإنشاء شبكة سكك حديدية تربط البلدين.
وأعلن السر خلال كلمته في مجلس وزراء النقل العرب بالأسكندرية مؤخرًا، أن ربط السك الحديدية بين مصر والسودان يمكن المواطنين من استقلال القطار من محطة “سيدي جابر” بالإسكندرية إلى الخرطوم مباشرة دون توقف.
وشهدت القاهرة في أغسطس الماضي، اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة المعنية بالإعداد لاجتماع اللجنة العليا على مستوى رئيسي الدولتين، وناقشت الأطراف مشروعات 22 اتفاقية، ومذكرة تفاهم، في مجالات مختلفة أبرزها التعاون القضائي والقانوني وتسليم المجرمين، ومجالات أخرى مختصة بالنفط، والغاز، والهجرة، والزراعة، والصحة، والإعلام، والتعاون الدولي.
وترى الكاتبة والإعلامية المصرية، صباح موسى، أن الاتفاقيات بين البلدين كانت في السابق مجرد أوراق وبرتوكولات، غير قابلة للتنفيذ، ربما بسبب عدم وجود الإرادة السياسية الحقيقية، ولكن الإرادة بين الرئيسين تتجلى حاليًا بوضوح في تنفيذ حقيقي لمشروعات الربط الكهربائي بنهاية العام الجاري، وإمداد السودان بــ200 ميغاواط، على أن يرتفع إلى 300 ميغاواط في المرحلة الثانية.
وقالت موسى، لــ(باج نيوز)، “في السابق كانت القرارات العليا لا ترى طريقها إلى التنفيذ بسبب البيروقراطية، وأن بعض الدوائر لم تكن ترغب في التنفيذ”.
وأضافت، “التوجيهات العليا حاليًا يبدو أنها صارمة، وأن الدوائر الوسيطة أصبحت همزة وصل في المباشرة وسرعة التنفيذ”.
وظلت العلاقات بين مصر والسودان، راسخة، وضاربة في الجذور منذ آلاف السنين، يُغذيها نهر النيل الذي هو بمثابة شريان الحياة لشعبي وادي النيل، وتُعززها أواصر المصاهرة بين الشعبين، والآمال والتطلعات المشتركة.
ورغم التوتر في العلاقات السياسية بين الفينة والأخرى، لكن سرعان ما تذوب وتتلاشى الخلافات والتباينات في وجهات النظر، وتعود إلى المسائل إلى طبيعتها، فلذلك، فإن أي محاولة للنيل من هذه العلاقة الخاصة، وفق مراقبون، سيكون مصيرها الفشل الذريع

التعليقات مغلقة.

error: