الخرطوم: باج نيوز
يتقاضى “أحمد السيد” 2 ألف جنيه شهرياً من عمله في قطاع التعليم، ويعول “2” من الأطفال علاوة على زوجته في بلد ارتفع مستوى التضخم فيه إلى 60% مقارنة بـ 30% قبل عامين، جراء الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة العملة الوطنية .
وتقول زوجة أحمد: “إذا اشترينا فقط فول من البقال فإننا نحتاج شهرياً إلى 600 جنيهاً، وبالنسبة للحليب فإن شراء “3” أرطال حليب يومياً بقيمة “39” جنيهاً يكلف في الشهر أكثر من “1100” جنيهاً أي أن الفول والحليب مجتمعان يقتطعان شهرياً “1700” جنيهاً من مجمل مدخراتنا البالغ “2” ألف جنيهاً”.
وتضيف بحزن مشوب بالغضب: “هذا جنون وشئ غير عادل”.
ويقول السيد “52 عاماً” إنه بات يخاف من الأسعار.
مضيفاً: أشعر أن الحلول الحكومية غير متوفرة تماماً، فقط مجرد تصريحات عن ضبط سعر الصرف لكنهم لا يشعرون بنا.. نحن الفقراء والعاملين نعاني من أوضاع قاسية”.
لافتاً إلى أن “عائلته قلصت مشتريات التموين من البقال على السلع الضرورية فقط، كون الأسعار الباهظة تأكل الأجور كما تأكل النار الورق.
وأضاف: “هل تعلم أن راتبي يعادل 40 دولاراً في الشهر.. من الجنون ألا تخطط للهجرة”.
وبلغ حجم التضخم في السودان لشهر سبتمبر 68.64%.
وأطلق رئيس الوزراء الجديد، معتز موسى حزمة من السياسات الاقتصادية الهادفة إلى كبح التضخم، وإحداث استقرار في سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.
بيد أن المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم أشار إلى أن ارتفاع الأسعار أمر حتمي، ومسألة وقت فقط، لأن التجار في حالة هدنة، ومتى شعروا بأن البنك المركزي لا يلبي طلباتهم من العملات الصعبة فإنهم على جاهزية لتوفيره بأسعار تناسب مزاجهم وليس مزاج الحكومة.
ويعزو ابراهيم في حديثه مع “باج نيوز” ارتفاع أسعار السلع لعدة أسباب لا تعود جميعها إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه. قائلاً: “هناك ضرائب ورسوم على السلع مثل الجمارك، وزيادة في الدولار الجمركي من 6.5 جنيه الى 18 جنيهاً خلال هذا العام، وبالتالي اشتعلت الأسواق “.
ويرى إبراهيم أن الحكومة لن تتراجع عن السعر الحالي للدولار الجمركي، ولن تتمكن من خفضه كما ترددت الشائعات قبل أيام”.
مضيفاً بأن مرد ذلك لأنها -أي الحكومة- تعتقد أن تخفيضه سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على الاستيراد، وبالتالي ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية.
منوهاً إلى أن ذلك كله يحدث بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار الجمركي ما قاد إلى حدوث كساد تضخمي.
وفي سوق “العُشرة” الشعبي للتوابل والتموين جنوب الخرطوم بدت المتاجر خالية من المشترين، بينما في وقتٍ مضى كان ما يميز هذا السوق أنه معروف بتوفير السلع الضرورية بأسعار في المتناول.
ورسم التاجر بالسوق، عماد “42” عاماً، صورة قاتمة للأوضاع، وقال إن “القوة الشرائية تراجعت، ولم نعد نبيع كما كان يحدث في السابق، وأحياناً نتظر لساعة كاملة ليأتينا زبون، وأحيانا عندما يأتي الزبون يقلص مشترواته خشية الأسعار العالية.
وينفي هذا التاجر الاتهامات المصوبة للتجار بالجشع، ورفع الأسعار بشكل غير مبرر، ويرى إن التجار يعملون على حماية رأسمالهم من التآكل.
مضيفاً بأن التاجر عندما يذهب لشراء السلع إلى متجره، يواجه كل مرة بسعر جديد ومرتفع.
قائلاً: “إذا لم ارفع السعر للمشتري فإنني سأتعرض للخسارة، بالتالي الاغلاق والديون”.
وتابع: “اعتقد أن تفادي هذه المشاكل أمر عادي”.
التعليقات مغلقة.