:: كثيرة هي القوانين التي تم تصنيفها كأغبى قوانين في تاريخ البشرية، ومنها كان هناك قانوناً يمنع شرب الكحول أمام البقر في إيرلندا، ولم يكن يمنع شربها أمام الأطفال.. و بلا أي تبرير، كان غسل الخنازير يوم الأحد ممنوعاً في الدنمارك بالقانون..وفي أستراليا أيضاً كانوا يمنعون الناس – بالقانون – التجول ليلاً بالملابس السوداء والأحذية المطاطية.. وفي إنجلترا كان القانون يمنع السير عارياً في الشارع لمن هم دون سن الرشد، وليس هناك ما يمنع الراشد أن يسير كما ولدته أمه..!!
:: هكذا كان حال الكون قبل الوعي.. وما تلك إلا نماذج.. أي كثيرة هي القوانين التي لا تجد لها تبريراً ولا توضيحاً ولا تتسق مع العقول السوية، وتقيدت بها الشعوب – بالرغبة والرهبة – حيناً من الدهر، وكانت تعم كل أرجاء الكرة الأرضية في (أزمنة التخلف)، ولكن تم تجاوزها بالوعي.. ولكن من تلك القوانين التي لا تزال في الكون بعض نصوص قانون الخدمة المدنية بالسودان، ثم اللوائح المصاحبة.. ولم تفكر العقول في تطوير هذه القوانين واللوائح وإصلاحها بحيث تكون (صمام أمان)..!!
:: وعلى سبيل المثال، نقرأ بعض نصوص هذا الإعلان: (ولاية الخرطوم، محلية الخرطوم، مكتب المدير التنفيذي، يعلن المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم عن رغبته في طرح عطاء امتياز حصري لمواقع إعلانية بمحلية الخرطوم، وفق شروط، منها: استلام كراسة العطاء بعد سداد مبلغ قدره (15.000 جنيه)، لا تُرد، والمدير التنفيذي غير مقيد بقبول أقل أو أي عطاء آخر).. وعليه، نسأل السادة بالخرطوم، أي نوع من الكراسة هذه تلك التي تتجاوز قيمة طباعتها – 15.000 جنيه – قيمة المراجع العلمية و(أمهات الكتب)..؟.. ولماذا لا تُرد المبلغ للشركات غير الفائزة..؟؟
:: ثم ما هي المعايير والتكاليف التي تضع قيمة طباعة بضعة وريقات – مسماة بالكراسة – في مصاف أسعار الكتب والمراجع؟.. ولكم أن تتخيلوا – أيها الأفاضل – حجم المبلغ في حال تدافع الشركات على استلام كراسات المحلية مقابل هذا المبلغ الموضوع شرطاً من شروط التقديم للعطاء (15.000 جنيه).. لو تقدمت مائة شركة يصبح المبلغ (1.500.000جنيه)، أو نصف ذاك العدد يصبح المبلغ (750.000 جنيه)، ليبقى السؤال: بأي حق تستولي محلية الخرطوم على أموال الشركات؟.. وللأسف، لا توجد إجابة منطقية لهذه الأسئلة المشروعة غير (القانون بيقول كدا) و(اللائحة بتقول كدا)، وهنا مكمن البلاء وأصل الداء..!!
:: ثم في ذات الإعلان – كما في كل الإعلانات – فالمدير العام للمحلية غير مقيد بقبول أدنى أو أي عطاء آخر، وهذا النص من مداخل الفساد في الكثير من مؤسسات الدولة.. (منطقياً)، فالمحلية بحاجة إلى مبلغ من المال مقابل التنازل عن المواقع الإعلانية بالشوارع والكباري للشركة صاحبة (المبلغ الأكبر).. ولكن، حسب نص الإعلان، فإن المدير العام للمحلية غير مقيد بقبول أقل مبلغ أو أي مبلغ أخرى ولو كان (المبلغ الأكبر).. نعم، لا شيء يلزم المدير العام بأن يبيع المواقع (بأكبر مبلغ)، ولذلك ليس بمدهش أن تتقدم إحدى الشركات بالسعر الأكبر، ثم تخرج من المنافسة بخفي حنين.. هذا مجرد نموذج – صغير جداً – لمدخل فساد محروس (بالقانون)..!!
التعليقات مغلقة.