باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

“الموردة” .. أكثر من نادي كرة قدم

1٬535

الخرطوم: باج نيوز
قبل سنوات قال الرئيس السوداني عمر البشير، إن أكبر قبيلتين في السودان هما “الهلال والمريخ”، وإن صحَّ ذلك بشكل كبير فذلك عائد إلى امتلاك قطبي القمة الكروية بجانب تاريخهما الضارب في الجذور لروافع السلطة والمال.

أما نادي “الموردة” فظل على الداوم يمثل نادي “الشعب”، ولذا أنسرب إلى قلوب السودانيين بامتلاكه موروث تاريخي وخصائص ثقافية واجتماعية مميزة تجعله يبز أندية القمة، وتدفع لاعبيه إلى مقارعتهما على أرض الملعب، ولتذهب حينها الفوارق المادية إلى الجحيم.

وعليه مثَّلت عودة الموردة إلى الدوري الممتاز لكرة القدم نبأ سار للسودانيين المحوطين بالإحباط، ودليل على أن “الأغاني ما تزال ممكنة”.

فحين هبط نادي الموردة في العام 2013 إلى درجة أقل، كان ذلك بمثابة العلقم في حلق جمهور الموردة، هذا وإن أنسرب الطعم المر إلى بقية جماهير الكرة السودانية بما في ذلك مشجعي القمة الذين أدركوا أن كرة القدم بارحت شاطئها الجميل ورفعت “الهلب” وأبحرت لتؤكد أن للثروة حسابات أخرى.

وتأسس نادي الموردة في العام 1927 على يد رواد جمعية اللواء الأبيض السودانية، التي لها كسب وعرق في تحرير السودان من ربقة الاستعمار، ومن يومها وهو أكثر من نادٍ لكرة القدم، وإنما هو دثار للعمل الوطني، ومنطلق للعمل الثقافي، وبوتقة انصهار لكل السودان، فلا يعلو صوت فوق صوت الموردة.

الموردة ـ إرشيفية ـ

يقول الباحث في التراث السوداني، مصعب الصاوي لـ “باج نيوز” إن نادي الموردة انطلق من عمق الحركة الوطنية، ونشأ كنادي “حي” لسكان أحياء الموردة وبانت والعباسية، ثم ما لبث أن تحول إلى نادي قومي بخصائص فريدة.

وعدَّد الصاوي بعضاً من خصائص النادي، وعلى رأسها البناء على قاعدة اجتماعية صلبة تضم خليطاً ذو توجه موحد نواحي الحي والنادي وبالتالي محصن ضد كل حالات التعصب والعنف.

كذلك، فقد نأى النادي بجانبه عن السياسة، وامسك عن التحول إلى منصة لرجالات الأعمال، وظل يتلقى دعمه من “مريدين وسالكين” في حب “الهلب” وهو شعار النادي المنزوع من مراسي الصيد والأسماك على ضفة النيل بالمناسبة.
وخلال مسيرته الطويلة، قدم “الموردة” أنموذجاً متفرداً بالاعتماد على تقديم كرة قدم جميلة في الملعب، وامتد الجمال لتقديم النسوة بشكل مغاير لما هو معهود في الرياضية، حيث تقلدت السيدة حنان خالد منصب رئيس النادي، وذلك ليس بالأمر الغريب على “الموردابيات” طبقاً للصاوي، فهن اعتدن باكراً على تشجيع الفريق من المدرجات، ونظم الأناشيد والشعارات وتسيير مسيرات الفرح في حالات الفوز.

أما الصحفي الذي سبق وأن حرس عرين الموردة، صديق رمضان فيقول لـ “باج نيوز” إن الموردة نادي أسس على ركائز مجتمعية متينة، ترفض فيما ترفض التدخلات السياسية، وتسريح اللاعبين إلى قطبي القمة، كما أن ذات اللاعبين يرفضون عادة العروض المالية الضخمة عشقاً للشعار وخوفاً من العزلة الاجتماعية.

لكنه أشار إلى أن أحفاد علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ، انحنوا أخيراً للعاصفة التي حولت الرياضة إلى صنعة حقيقية، فقبلوا تدخل رئاسة الجمهورية الأخير، ما يجعلهم مواجهون بالسؤال الصعب: هل يستطيعون الحفاظ على النكهة المميزة لـ “نادي الشعب” الذي لطالما غنيناه “أنا بيك سعادتي مؤكدة.. وبلاك حياتي منكدة”.

التعليقات مغلقة.

error: