:: (أخيراً)، تعلن وزارة الصحة بالخرطوم عن رش محليات الخرطوم بالطائرات مطلع أكتوبر القادم، ثم تعلن عن زيادة جرعات رش البعوض والذباب بالتنسيق مع المحليات.. وعليه، على أهل الخرطوم أن يشكروا السادة بحكومة كسلا على فشلهم وعجزهم وخمولهم الذي جاءهم بحمى الشيكونغونيا.. أي لم يعم وباء الشيكونغونيا مدائن وقرى كسلا، لما خاف السادة بوزارة الصحة بالخرطوم على أهل الخرطوم، ولما أعلنوا رش الخرطوم بالطائرات، ولما زادوا جرعات رش البعوض والذباب..!!
:: ومع رش الخرطوم بالطائرات، نفى وزير الصحة بالخرطوم وجود البعوض الناقل للشيكونغونيا بالخرطوم، واصفاً هذا البعوض بالضعف، بحيث لا يقوى على الطيران إلا في حدود (400 متر).. وهذا يعني أن بعوض كسلا لن يصل الخرطوم إلا (ميتاً).. والحديث يذكرني حديث مدير وقاية النباتات بوزارة الزراعة قبل ست سنوات، حيث برر فشلهم في مكافحة غزو الجراد الصحراوي لبعض ولايات بلادنا، قائلاً بالنص: (هذا الجراد وصل إلى بلادنا منهكاً من مصر وقطع آلاف الأميال، ولذلك لا يشكل خطرا)..!!
:: وقد لا يصل بعوض كسلا – الناقل لحمى الشيكونغونيا – إلى الخرطوم لبعد المسافة، ولكن هل صحة البيئة بالخرطوم بحاجة إلى بعوض كسلا الناقل لتلك الحمى وغيرها بحيث يُصاب أهل الخرطوم بالحميات؟.. للأسف (لا)، فالبيئة الصحية المتردية التي حضنت بعوض كسلا لحد التوالد ونقل حمى الشيكونغونيا هي ذات البيئة الصحية المتردية بالخرطوم وكل ولايات السودان.. ليست كسلا وحدها، بل كل ولايات السودان متساوية في تردي صحة البيئة، ولذلك لا تتهموا كسلا بتصدير الحمى إلى ولايات السودان أخرى..!!
:: وكما قلت في زاوية سابقة، فإن الحمى لم تفاجئ كسلا.. أي كما فشلت في درء آثار أمطار الخريف بالعجز عن التحسب لها، لقد فشلت حكومة كسلا أيضاً في وقاية المواطنين من أمراض ما بعد الخريف، وهذا حال ولاية الخرطوم أيضاً.. وقاية الإنسان من الحميات والإسهالات ليست بحاجة إلى طائرات إيرباص أو تكنولوجيا الرادار بحيث نهاجم أمريكا على حصارها، وليست بحاجة إلى سُفن حربية ومفاعل نووي بحيث نبرر عجز المكافحة بضعف الميزانية وانفصال الجنوب..!!
:: مبيدات وطلمبات رش وأيدٍ عاملة وإرادة مسؤول.. تلك فقط هي وسائل مكافحة البعوض والذباب وكل الناقلات للأمراض.. ولكن حين غابت إرادة المسؤولين بولايات ومحليات السودان، غابت العوامل والوسائل الأخرى، لتحل الملاريا والإسهالات وتكدس مرضى حمى الشيكونغونيا في المشافي وتعطيل الإنتاج وزيادة الصرف على العلاج.. وعليه، ليست من كسلا، بل من مستنقعات البرك الآسنة التي تتوسط الأحياء تنتشر أسراب البعوض والذُباب حاملة كل أنواع الحميات والإسهالات..!!
:: ولقد أحسنت كسلا عملاً بإجبار الخرطوم على الرش بالطائرات.. فالشاهد منذ سنوات، عندما تطالب الأسر بحي جبرة – وكل أحياء الخرطوم المجاورة لمستنقعات المصانع – سلطات الخرطوم بمكافحة الناموس، كانت السلطات تبرر عجزها وتزعم بأن هذا الناموس الكثيف والمُزعج (لا ينقل للملاريا).. هكذا تحدثوا أكثر من مرة، وكأنهم تأكدوا عبر أجهزتهم ومعاملهم بأن ناموس الخرطوم خال من (أنثى أنوفليس)، أو فيها أنثى أنوفليس ولكنها ملتزمة بعدم نقل الملاريا، وأنها تكتفي فقط باللسع والطنين ثم نقل (الدوري الإسباني)..!!
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.