لم يكن انشغالاً واهتماماً عادياً، ذلك الذي حدث أمس في وسائل التواصل الاجتماعي.
بدا كأن التشكيل الوزاري انحصر وتركز فقط على وزير المالية عبد الله حمدوك، الذي قيل على لسان مقربين منه، إنه اعتذر عن المنصب.
لم يكن تجاهل الأسماء الأخرى لأن “لُعبة كراسي” حدثت.. وزير الثروة الحيوانية إلى الإعلام ووزير الإعلام إلى الداخلية.. ووزيرة التعليم العام إلى الضمان الاجتماعي ووزيرة الضمان الاجتماعي إلى التربية والتعليم و….إلخ، إنما لأن الحكومة تُكرر ذات الخطأ في كل مرة، فيصبح خطؤها الصغير، مادة صحفية وإعلامية مميزة.
عرفنا أن المؤتمر الوطني – وفي إجراءات غريبة من نوعها – لا يُخطر أفراده بتولي المناصب العامة، فيفاجئ كثيراً منهم بإعلان أسمائهم بعد انتهاء اجتماعات المكتب القيادي، فيعرف الوزير أنه أصبح وزيراً عبر أصدقائه أو وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر التلفاز كما حدث لوزير الداخلية الأسبق حامد منان، لكننا لم نسمع من قبل أن حزباً حاكماً في العالم، يُفاجئ الأفراد الآخرين الذين لا ينتمون إلى منظومته بإدخالهم في التشكيل الوزاري دون الحصول على موافقتهم..
هذه الطريقة هي ماركة مُسجلة للمؤتمر الوطني فقط لا غير، فقد جذبت إليه الأنظار والتعليقات على مدى سنواتٍ مضت، بعد أن تكررت الأسماء الرافضة والمعتذرة داخل الحزب وخارجه.
لن ننكر أن في هذا التشكيل، بعض الجرأة والشجاعة في إبعاد شخصيات بارزة من مواقعها، ولن نقلل أبداً من شأن الأسماء التي أبدلت “الكُرسي” الموجود في شارع النيل إلى آخر في شارع الجامعة، فالمؤتمر الوطني مُلزم بقبول ترشيحات الأحزاب الأخرى، لأنه إن رفض فذلك يعني الانسحاب من حكومة “الحوار الوطني”.
من الغرائب أيضاً أن التشكيل خلا من منصب “محافظ” بنك السودان، الذي ظل خالياً لعدة أشهر، فيما احتفظت وجوه بوجودها في المناصب الوزارية، والتي لم تعد مُشهية ومحببة للناس كما السابق.
صحيح أن الوضع الاقتصادي قلل مميزات المناصب الدستورية والحكومية، إلا أن هناك عاملاً مهماً جعل كثيراً من العاقلين ينأون عن قبوله، وهو عدم وجود أي ضمان في الاستمرار في هذه الحكومة..
فلنفترض أن عبد الله حمدوك قبِل منصب وزير المالية، ما هو ضمان الاستمرار فيه؟ وكيف يطمئن إلى عدم ظهور تشكيل وزاري بعد بضعة أشهر يطيح به، بل كيف يثق أنه كما سمع اسمه عبر التلفاز وزيراً، أنه سيقرؤه في وكالة سونا معفياً؟
معقولة بس..!
التعليقات مغلقة.