:: قبل جمعة البارحة، كان لت المجالس وعجنها يدور حول رئيس مجلس الوزراء.. فالأصابع والألسن لم تترك شاردة ولا واردة في سيرة معتز موسى إلا وقد وثقتها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل.. ثم انتقل لت المجالس وعجنها إلى الدكتور عبد الله حمدوك وزير المالية، ما لم يكن قد اعتذر عن قبول المنصب..فالشاهد منذ الإعلان عن اسم حمدوك في التشكيل الوزاري، هناك من يؤكد اعتذاره عن قبول المنصب، وهناك من ينفي هذا الاعتذار.. ولله في نهج اختيارهم لوزرائهم شؤون..!!
:: ما الحكمة في أن يتفاجأ الوزير باختياره لهذا المنصب، ويقرأ خبر الاختيار في مواقع التواصل، ثم يقبل أو يعتذر؟.. هذا ما حدث في حكومة الفريق الركن بكري حسن صالح، بحيث اعتذر البعض عن قبول المناصب التي فاجأتهم، ثم وافق البعض بعد التفاوض.. وكان يجب أن يتعظوا، بحيث لا تتكرر (المهزلة).. ولكنها تكررت في حكومة معتز موسى التي لم تتعلم الدرس من حكومة بكري، بحيث اعتذر وزير الدولة بالمالية ناجي شريف، ولا يزال البعض يفاوض حمدوك و آخرين لكي لا يعتذروا.. !!
:: ليبقى السؤال، من أخبر السادة في الحكومتين، السابقة والحالية، بأن كل الناس في بلادنا بحاجة إلى هذه المناصب والكراسي ومزاياها، ليعيشوا بها؟، أو من أخبرهم بأن كل الناس في بلادنا جنود في القوات النظامية، وما عليهم إلا السمع والطاعة ثم تنفيذ التعليمات وقبول الاختيارات (فوراً).؟..ثم هم لا يعلمون بأن مفاجأة المسؤول بخبر اختياره أو إقالته نوع من الديكتاتورية الخفية.. فليتواضعوا قليلاً، أي إلى مستوى مقامات من يتم اختيارهم، وناهيكم عن مقام المواطن الذي هم عنه يترفعون..!!
:: والمهم، نرجع لوزير المالية المحتفى به، ما لم يرفض هذا المنصب.. حمدوك، حاصل على بكالوريوس – مع مرتبة الشرف- من جامعة الخرطوم، وماجستير ودكتوراه في الاقتصاد بجامعة مانشستر، ثم (30 عاماً) من الخبرة في مجالات إصلاح القطاع العام، والحوكمة، والاندماج الإقليمي وإدارة الموارد.. ثم أن الرجل قديم عهد بوزارة المالية السودانية (1987)، حيث غادرها بقطار الصالح العام.. ثم عمل بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، ثم بالمعهد الدولي كمدير إقليمي لإفريقيا والشرق الأوسط.. والكثير من المحطات.. ولكن هل هذا يكفي لإنقاذ البلاد من بئر الخراب ..؟؟
:: وللإجابة، يُحكى أن الابن اشترى بنطالاً، ووجده طويلاً بزيادة (4سم)..طلب من والدته تقصيره، فاعتذرت..فطلب من أخته تقصيره، فاعتذرت أيضاً.. فذهب إلى الخيًاط وقصره، وعاد إلى المنزل ووضعه في الدولاب.. ولاحقاً، حن قلب الأم، بحيث ذهبت إلى غرفة الابن، وأخرجت البنطال من الدولاب وقصرته (4سم).. وبعدها، حن قلب الأخت أيضاً، وذهبت إلى غرفة شقيقها وأخرجت البنطال وقصرته (4سم)..وفي الصباح، أراد الابن أن يرتدي بنطاله، وإذ به يتفاجأ بأن البنطال أصبح ( برموده)..!!
:: فالقصة أعلاها تحكي عن ثلاثة أفراد اجتهدوا لإنجاز مهمة (تقصير البنطال 4سم)..ومع ذلك، أي رغم صدق النوايا وجهد كل فرد، أفسدوا العمل وأفقدوا الابن بنطاله.. لم يكتفوا بعدم إنجاز العمل، وكان من الأفضل ألا ينجزوه، لكي لا يخسروا الجهد والزمن والمال.. ولكن بضعف التنسيق وأزمة التجانس، أفسدوا العمل وأهدروا الجهد والزمن وقيمة البنطال..وهكذا تقريباً حال أي دولة تفتقد إلى (المؤسسية)، أي تجانس الأجهزة وتناسقها فيما بينها بالقوانين واللوائح، وقبلها بالحريات والشفافية والتنافس الشريف ..فالبلاد بحاجة إلى دولة مؤسسات (أولاً)، ثم حمدوك وغيره (لاحقاً)..!!
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.