حال المصارف السودانية يغني عن السؤال مع شح السيولة ومتاعب العملاء المستمرة في الحصول علي اموالهم المودعة ، تضاءلت المبالغ التي تصرفها البنوك لطالبي الكاش(في ايام العيد) حتي وصلت الي الف جنيه وفي النهاية انعدمت تماما، اما الصرافات فقد سكن بعضها العنكبوت واصبح مرتعا للكلاب الضالة.
لم يحدث ان وصل رصيد اي بنك من العملة السودانية (زيرو) مثلما ابلغني مسؤول الخزينة في احد المصارف الكبيرة وصلته لصرف شيك بمبلغ عشرة الاف جنيه قبل سفري لاداء فريضة الحج.
تابعنا كيف احتاطت المصارف بقوات الشرطة خوفا من سخط العملاء وردة فعلهم الغاضبة وهم يستجدون حقوقهم ويتسولون مالهم من البنوك بلا طائل.
تختزن الذاكرة وقائع مؤسفة توضح بجلاء ما وصلت اليه فجوة الثقة بين المصارف والعملاء وبالمناسبة ستعاني الدولة كثيرا في اقناع المواطنين بالعودة للتعامل مع الجهاز المصرفي من جديد، لن تنجح اية جهود علي المدي القريب في اجتذاب اية ودائع بسبب تراكم الغبن تجاه طريقة البنوك في التعاطي مع الجمهور وفشلها الكبير في توفير السيولة سواء للافراد او القطاعات التجارية والانتاجية.
تتحدث دوائر مصرفية الان عن تراجع الايداع في البنوك بنسبة تتجاوز ال (80%) ، يصرح العملاء من فرط وجعتهم بان باطن الارض خير لاموالهم من مصارف لاتلبي طلباتهم لحظة الاحتياج.
حديث جهير يدور الان بان البنوك الكبيرة التي توسعت بافرعها في انحاء السودان المختلفة تواجه شبح الافلاس.
الغريب ان الدوائر الاقتصادية المعنية في البنك المركزي والمؤتمر الوطني واتحاد المصارف لا تحرك ساكنا ولا تستشعر حجم الكارثة التي تحيق بالبلاد جراء شح السيولة وعدم قدرة البنوك علي الايفاء بمطالب العملاء.
توقف السوق واصاب الحركة التجارية شللا كاملا وتعطل الانتاج في مناطق الصناعة وحقول الزراعة جراء هذا الاخفاق الكبير.
ساءت سمعة المصارف بفعل الصفوف والتدافع والزحام، نفس الوضع الموجود في الافران والطلمبات انتقل الي البنوك وشوه سمعتها وجعلها (كناتين ) عاجزة عن ايفاء طلبات (الديانة) ولا اعتقد ان هذا الوضع يليق بالتجربة العريقة للمصارف السودانية.
علي الرغم من كل ما تقدم مازالت البنوك تتبرج في الفضائيات السودانية وتعلن ب(سفه الاقرع ونزهي) عن حزم خدمات ومشروعات وحوافز لاستقطاب الودائع وجذب العملاء عبر الترويج لخدمات لا اظن انها تنناسب مع الواقع البائس الموجود في البنوك.
فعلا (اعلانات مضحكة) وشعارات خاوية لعدد من البنوك تعلن عن نفسها ببذخ مستفز للعملاء ، ضحكت كثيرا والبنك الذي فشل في الايفاء بمبلغ خمسة الاف جنيه لعميل يطلق حزمة من الخدمات عبر اعلان مدفوع بعدد من الفضائيات لا اري فيه الا تضليلا متعمدا وكذبا صريحا.
اعلانات البنوك في الفضائيات مع واقعها الماساوي المعلوم يذكرني المثل السوداني (سماحة جمل الطين)، هي للاسف_ اي الاعلانات_ اهدار للاموال وتعميق لازمة الثقة لانها تمارس الكذب علي العملاء والمشاهدين.
لوكنت مكان بنك السودان (ان كان موجودا)، لاوقفت هذا العبث ريثما ينصلح الحال وتكون المصارف قادرة علي الايفاء بما تعلنه من حوافز وخدمات، القاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد كل يباهي بالتاريخ العريق والغد المشرق والتفوق والنجاح وحينما تمد له شيكا بخمسة الاف يرتد اليك حسيرا، اتقوا الله واوقفوا هذه الاعلانات التي تحدثنا عن بنوك اوروبا وامريكا والخليج لا عن واقع مصارفنا الماساوي.
اليوم التالي
التعليقات مغلقة.