قالوا انه والد التلميذات الشهيدات غرقا ؛ تفرست ملامحه المغموسة في الاسى الصبور ؛ جلس يمس الحصى او يخرج القذى من بين مسامات بساط المجلس ؛ مطرقا كالعادة يتلقى تلقين عبارات الاحتساب وغالبا ما يرد مثل اي مؤمن قنوع (الحمد لله على ما اراد الله ) تفرست في كفه المملح حتما بمسوح الدمع وشهقات جلد الرجال ان رجح بأسهم على ضعفهم لمحت بقعا ربما هي بعض دميعات بذلهن قريب واثر طين شاحب وقليل غبار اظنه من السعي بين صفا العشم ومروة الامل في ان يترك له النيل جثة عزيزة منهن ؛ لا اعرف هذا الرجل لكنه حزنه وفجيعته لازمتني حتى اظن لبعض لمحة اني حملت فوق كتفي احد صغيراته في لحظة فرح او اني صافحتهن صباح عيد ؛ حزن حرت معه في شكل نوع السند الذي يمكن ان اهادي به مشيته تحت ظل هذا المصاب اذ لا ملك قدرة الوصول اليه لافرد يدي غمامة فوق مقبرة الراحلات ؛ ولست صاحب سلطة لارد له فضيلة الاستيفاء بزجر المقصرين وحتى قلمنا هذا صار عندهم محض لغو و(كلام فارغ) ! فقد قلنا من قبل ان وزيرة التربية والتعليم اقل وزنا في معايير المهابة ! فتركوها قائمة علينا لتحسر الاقدار سيقان الاهمال فوق لجة اللامبالاة التي يزعم الجميع انهم براء منها والكل فيها سواء اذ احتاجت البلاد لثلاث وعشرين او اكثر عروسا جثة في عمق النهر ليدرك الكل ان هناك إنسان في تلك البقاع يستحق التضامن ولحاق سوق المجاملات والبيانات التي لن تجلب كفنا او تفيق ام او تجعل راسا عفيفا مثل راس هذا الرجل في زاوية علو الهامة فدس عينيه في مس الحصى والقذى ؛ يستمطر الرحمات بالغيب والحضور ولا اعرف كيف اواسيه فما اختبرت فقد إبن لكني تحسست الم المصاب في الصمت السكوت المفصح عن عذابات هدت الوجوه ؛ اخي ؛ عمي والدي والد الشهيدات لقد كان لابي مثل مجلسك حينما توفى شقيق لي – سردت قصته مرة هنا – رايت ابي يومها يشد العزم ويكتفي مثلك مرات بالاطراق وحينا بتبسم يواري فيه ضعفه فلما اجن الليل لمحته في ركن يخلط الدمع وبالدعاء ثم انكسر مغلفا وجهه بعمامة يبكي حتى شق صوته سكون الليل ورايت مثله والدي صديقي المرحوم غازي السر (عم السر) وقد وسدنا (غازي) قبر في حلفاية الملوك ليلا ؛ لم يرتجف كان في ذات الجلباب المضمخ بالدمع والرهق ومس هو كذلك الحصى ورؤوسنا نحن رفاق ابنه ثم بعد يومين ناداني مع مغيب الشمس وفك افواه الدمع على كتفي بكاء ؛ احتضنته وتركت مجاري مقلتيه فوقي بحرا للعزاء والسلوى ؛ ايقنت حينها ان فقدان الابن فقد لكل الكبد وغالب الروح وعظيم البوح عند الانسانية يندلق حينها ؛ قم يا عزيزي وفك انفاس الشجن لترتاح واظنك فاعل فقد ناحت قبلك ارواحنا عليهن واعلم انك مثل كل الغبش الكرام في تلك الديار شهم ومضياف ستسقبل ضيوفك ببليل البشر والايناس ونحر الكرامات فنحن شعب اعجب ما فيه ان الحزن عندنا يدسه الناس في دواخلهم ويمارسونه سرا ويحولون الجهر للبشارات الجسورة واي جسارة اعظم من ان يجلس مثلك وعليه وقار الصبر تاجا ومظلة …دمت وتقبلهن الله وجعلهن لك شفيعات ولنا غافرات
التعليقات مغلقة.