:: ومن حكاوي الحرب، يُحكى أن قائد القوة الميدانية اتصل بقيادته منزعجاً: (يا سعادتك العدو على بعد خمسين كيلومتراً، تعليماتك شنو؟)، ولم تأمره القيادة بأي شيء، أي تجاهلوه.. ثم اتصل متوجساً: (يا سعادتك العدو على بعد عشرين كيلومتراً، تعليماتك شنو؟)، فتم التجاهل أيضاً.. ثم اتصل منزعجاً: (يا سعادتك أنا سامع صوت دبابات وعربات العدو، تعليماتك شنو؟)، فتجاهلوه أيضاً.. ثم كان الاتصال الأخير: (يا سعادتك، هاك كلم العدو).
:: وبالشمالية ظواهر بمثابة (أجراس إنذار)، أي تلوح مخاطرها بين الحين والآخر، ولكن لم تحرك أجراس المخاطر السلطات المركزية ومراكز الدراسات نحو البحث عن الحلول (حتى الآن)، أي ربما لحين تتسع دائرة المخاطر وتقضي على الإنسان والأرض.. ولا أقصد ظاهرة تصاعد الدخان بمنطقة السليم يوم أمس، وهذا الدخان ليس مقدمة بركان كما توجس أهل السليم، ولكن آثار تسريب كهربائي من عمود كهرباء.. وقد كان رد فعل السلطات الولائية والمحلية والشرطية وكلية علوم الأرض إيجابياً وسريعاً مع الحدث.
:: الحمد لله، فالدخان بمنطقة السليم ليس بركاناً.. ولكن هناك ظواهر أخرى، وبذات خطورة البراكين، أي ذات مخاطر على الأرض والإنسان.. وعلى سبيل المثال، قبل عام ونيف، وجه رئيس الجمهورية السلطات المختصة بدراسة ظاهرة الطفح المائي ببعض مناطق الشمالية ثم إيجاد الحلول والوقاية.. ظهرت ظاهرة الطفح المائي بمحلية البرقيق قبل أربع سنوات، ولا تزال تتمدد، ومع ذلك لم تجد الظاهرة دراسة ولا حلاً رغم أنها تسببت في انهيار أكثر من (1100 منزل) كلياً أو جزئياً وأجبرت أهلها على الرحيل.
:: ومن محلية البرقيق، انتقلت ظاهرة الطفح المائي إلى محلية مروي، وتسبب في هلاك بعض المزارع بما فيها من زرع، ولا تزال تتمدد.. وكثيراً ما ناشد أهل مروي – كما أهل برقيق – السلطات المركزية والولائية بالدراسة والبحث عن الحلول.. ولكن يبدو أن الدراسة والبحث عن الحلول كانا بحاجة إلى توجيه رئاسي.. ومع ذلك، أي رغم التوجيه الرئاسي الصادر قبل عام ونيف، لم تتحرك السلطات المختصة بالمركز نحو الدراسة والحلول، ربما لحين اتساع دائرة الطفح بحيث تتساوى مع مساحة الشمالية.
:: وغير هذا الطفح المائي، بالشمالية أيضاً ظاهرة حريق النخيل.. نعم، رغم أن هناك أكثر من توجيه صادر عن سلطات مركزية بالدراسة والبحث عن الحلول، فإن الولاية الشمالية لاتزال تصطلى بظاهرة حرائق النخيل.. والجدير بالانتباه، أن هذه الظاهرة – كما ظاهرة الطفح المائي – تنتقل من محلية إلى أخرى.. وليس هناك أي رد فعل غير إشادة السلطات الولائية والمحلية بقوات الدفاع المدني التي تؤكد سيطرتها على الحرائق بعد أن تقضي على الأخضر واليابس، أو هكذا رد فعل الحكومة عقب كل حريق.
:: لقد تجاوز عدد الحرائق المائة خلال العقد الأخير، وهذا ما يثير غضب الناس على سلطات عاجزة عن دراسة الأسباب والحلول، ثم على سلطات ولائية ومحلية تفتقر إلى وسائل الإطفاء السريعة.. ثلاثة حرائق تكفي لإثارة انتباه السلطات وتحريكها نحو: (التقصي ومعرفة الحقائق)، (توفير وسائل ومعدات الإطفاء)، (تفعيل فرق الإرشاد الزراعي)، ولكن هذا ما لم يحدث حتى الآن.. وعليه، فمع الخدمات والزراعة والمطارات وغيرها من القضايا المعلنة حالياً في أجندة حكومة ياسر يوسف، فإن قضيتي الطفح المائي وحريق النخيل من القضايا التي يجب تحظى بذات الاهتمام.
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.