:: وكأن صفوف الجازولين والبنزين لا تكفي ضنكاً، لقد عادت صفوف الرغيف أيضاً.. ومن المحن و سوء التقدير السياسي، بالتزامن مع عودة الصفوف، وكأنهم نجحوا في اختزال غايات وأحلام من يصطفون أمام المخابز ومحطات الوقود – من أول الفجر وحتى ساعات الليل الأخيرة – في البحث عن (رزق اليوم)، صارت أسمى غايات السادة بالحزب الحاكم هي الصراع والسجال حول من يحكم شعب السودان في (العام 2020).. لو كانوا يشعرون بمعاناة الناس وما يحدث لهم في الأسواق، لأيقنوا بأنهم لن يجدوا شعباً يحكموه في (2020)، ولكن يبدو أنهم لا يشعرون..!!
:: المهم.. بتاريخ ديسمبر 2015، قالت وزارة المالية: (الحكومة تكاد تكون قد خرجت من الدعم الموجه للقمح والخبز)، وهذا يعني أن الخبز لم يعد مدعوماً منذ العام 2015..وما كان يسمونه – مجازاً – برفع الدعم عن السلع، كان- في الحقيقة – إما فشلاً حكوميَّاً في تثبيت سعر الصرف أو فرضاً للمزيد من الرسوم والضرائب والإتاوات على سلع غير مدعومة (من أساسها).. وقد يؤلم المسمى برفع الدعم حياة المواطن (مادياً)، ولكن ما يقتل المواطن معنوياً هو أن الذين فشلوا طوال السنوات الفائتة – في إدارة دفة اقتصاد البلد – لحد رفع سعر الدولار ونسب الفقر والنزوح والهجرة وغيرها من نسب مكدرات صفو الحياة – هم ذاتهم من يخططون للمستقبل بمنتهى البراءة..!!
:: (تجريب المًجرب)، هكذا الحال.. رغم أن الإصلاح السياسي والاقتصادي كان يجب أن يبدأ بإزاحة الذين خرَّبوا وفشلوا عن مناصبهم، واستبدالهم بآخرين قادرين على تحويل الخراب والفشل (إصلاح ونجاح).. وقد يفشل المسؤول، وقد يعجز عن فعل شيء ما، وقد يخطئ في التقدير، وكل هذا لا ينتقص من قدره في حال أن يعترف ويعتذر ويغادر الموقع العام أو يعترف ويعتذر ثم يجتهد ويُصوًب الخطأ.. ولكن يجب على المسؤول ألا يتجمل على المواطن مهما كانت الأسباب والمواقف.. وناهيك عن الناس، بل يجب ألا يكون المرء مسؤولاً – حتى على آل بيته – في حال إدمانه للتجمًل.!!
:: ومن المؤسف أن الذين يديريون الاقتصاد يتجملون ولا يصارحون المواطن بما يحدث.. فالدعم مرفوع عن القمح والدقيق (كُلياً)، ولكن بعجز الحكومة في تثبيت سعر الدولار يتصاعد سعر القمح والدقيق وكل السلع شهرياً أو أسبوعياً.. فالتحرير هو الشراء والبيع بسعر السوق، وليس بسعر الحكومة.. وعلى سبيل المثال الراهن، فالدولار كان قد تجاوز في السوق الموازي (45 جنيه)، ومع ذلك كانت وزارة المالية تطالب المطاحن بتوفير الدقيق بهذا السعر المتصاعد يومياً، ثم تلزمها بتوزيع دقيقها بسعر الجوال (550 جنيه)، رغم أن السعر الحقيقي (650 جنيه)، أي بفرق سعر قيمته (100 جنيه).. !!
:: ومنذ فبراير وحتى يوليو الفائت، كانت كل المطاحن ملتزمة بتوفير اللإنتاج المطلوب، وكذلك كانت وزارة المالية ملتزمة بدفع فرق السعر للمطاحن (100 جنيه).. ولكن منذ أسبوع تقريباً، فإن مطاحن سين وحدها هي التي تنتج بالكامل، وهي نسبة إنتاج تعادل (50%) من حجم الاستهلاك.. ولتلكؤ وزارة المالية في مراجعة أسعار الدولار، ولعدم سدادها فرق السعر للمطاحن خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، خفضت ثلاث مطاحن إنتاجها بنسبة (80%)، وهي سيقا وويتا وروتانا.. ولأن إنتاج هذه المطاحن الثلاثة يعادل (50%) من حجم الاستهلاك، كان طبيعياً أن تحدث الفجوة و تعود الصفوف.. وكالعهد به دائماً، فان وزير المالية إما لا يعلم أو آخر من يعمل..!!
التعليقات مغلقة.