باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

جمال عنقرة : دروس من عطبرة

تأملات

670

وقفت حائرا يوم أمس ماذا أكتب في مقال اليوم، ولم تكن حيرتي بسبب انعدام المقالات أو قلتها، فالوضع كان عكس ذلك تماما، فما أكثر المقالات التي تحتشد في الذاكرة، وكانت الحيرة في الاختيار من بينها، ولكن فجأة وجدت رسالة في أكثر من مجموعة منقولة عن أحد أهل مدينة الحديد والنار، عطبرة إسمه إبراهيم سيد إبراهيم، والرسالة بخصوص فتاة عطبرة الشهيدة ماجدة التي اغتالها شاب غدرا وغيلة في البوتيك الذي كانت تعمل فيه، وحكت الرسالة واقعة جلسة تاريخية لمحاكمة الشاب الذي اغتالها، وننشر رسالة الأستاذ إبراهيم كما هي، ( درس مهم من محاكمة قاتل ماجدة في عطبرة:
في يوم محاكمة قاتل الشابة ماجدة فتاة عطبرة التي كانت تعمل في البوتيك، وكانت عطبرة كلها حانقة جدا علي هذا الشاب .. وكان الكل ينتظر حكم اعدامه بفارق الصبر ..
وقف والدها الكهل الشجاع جدا .. المتعالي علي حظوظ النفس في المحكمة وقال :
يا مولانا قبل الحكم انا عندي كلام داير اقولو .. الود انا عفيتو في دم بتي وسط اندهاش الجميع حتي القاضي .. فلم يفاوضوه علي ذلك ولم يحضر أهل الشاب المتهوم.. حتي اندهش الجميع .. القاضي نفسه سقط القلم من يده ..
وتابع الوالد قائلا الود ده ما عنده مع بتي دي عداوة ولا سابق معرفة.. هو زول كان جعان وبتي دا يومها .. والله كاتب ليها تموت كده .. وانتوا ما جربتوا الجوع عشان كدا ما حتحسو الود ده كان مالو ..
ودم بتي ما بتحملو الود دا .. بتحملو أي زول مسلم عنده قروش فايضة عن حاجته وخاتيها في البنك وحوله بشر جيعانيين وحوله ناس بتخلي المدرسة ومستقبلها يتدمر عشان ما عندها قروش ..
دمها يتحمله كل حاكم رعيته تصل مرحلة تكتل بعض عشان بس تاكل وتسد جوعها ..
ساعتها سقط المتهم علي الأرض يجهش بالبكاء فلم يخطر في بال أي إنسان أن يجد رجل يفكر بهكذا الطريقة وهو سيد وجعة ..
ظلت القاعه صامتة لزمن لا تسمع فيها إلا بكاء المتهم ودهشة الحاضرين .. فقد مثل هذا الأب معني العفو عند المقدرة …
هذه في تقديري رسالة احرجت المجتمع واحرجت كل0 من يشارك في حكم هذا البلد، واحرجتني انا الذي فرحت لقبضه ولم أفكر لحظة في دوافع القتل الغريبة .. احرجت عطبرة كلها التي نسجت القصص المغلوطة .. وكانت أسرة ماجده تفوق ايمانا كل هذه الأمة رغم فقرها وفجيعتها…
ومن يومها تعلمت ان اتفقد من حولي من يتضور جوعا حتي لا يقتل منا إنسان بسبب الجوع..
عطبرة
إبراهيم سيد إبراهيم)
هذه رسائل لا تحتاج إلي شرح ولا تعليل، فهي من البلاغة والفصاحة ما يجعل كل إنسان يتعتبر، وحسنا ابتدر بعض الأثرياء الوطنيين مشروعا لدعم المتأثرين بالسيول والفيضانات في مدينتي كسلا والنهود، ولقد حدثني أخي شيخ العرب المهندس يوسف أحمد يوسف عن اجتماع مجموعة من أصحاب العمل الوطنيين لهذا الغرض النبيل، دفعوا في حينهم ستة مليارات من الجنيهات وتعهدوا علي اكمالها خمسة وعشرين، مع التزامهم بتشييد خمس مدارس، وأجد ذلك متماشيا مع المبادرة التي بح صوتي من المناداة بها ليقوم الأثرياء بالتبرع ببعض ما من الله عليهم به لاقالة عثرة الدولة الإقتصادية، حتي لا يضطر أحد آخر ليقتل من أجل أن أعيش، ولتكن مبادرة شيخ العرب قطرة أول الغيث، وفي إنتظار المزيد بإذن الله تعالي.

التعليقات مغلقة.

error: