لينا يعقوب: إحراج الخارجية

أسوأ أنواع الإحراج هو الذي يأتيك من حيث لا تدري أو تتحسب، بلا تمهيد أو مقدمات، يأتيك من الأقربين وليس الآخرين..!
قبل أيام أطلقت السفارة الأمريكية في الخرطوم تحذيرات لمواطنيها “الأمريكان” بعدم السفر إلى السودان لوجود تهديدات أمنية..
ما إن صدر التحذير المفاجئ حتى “هاج الإعلام” في محاولة لتلقين السفارة درساً لن تنساه في التساهل بإطلاق التحذيرات الهُلامية التي لا أساس لها من الصحة خاصةً حينما تكون الدولة آمنة مستقرة ترعى مباحثات الدول الأخرى في “السلام”..
تبرير السفارة بمنع مواطنيها من السفر إلى “دارفور، النيل الأزرق، جنوب كردفان” جاء لوجود تهديدات إرهابية وأمنية محتملة في هذه المناطق..
البيان لم يُشر إلى “العاصمة الخرطوم” ومع ذلك احتجت الدولة رسمياً عبر وزارة الخارجية التي أصدرت بياناً رافضاً لهذا التهديد، كما أجرت لقاءً سريعاً بالقائم بالأعمال الأمريكي، وإن لم تخرج كل تفاصيله في وسائل الإعلام لكن بلا شك كان هذا “التهديد الأمني” حاضراً في لقاء الوزير الدرديري محمد أحمد والسفير ستيفين كوتسيس..
التعجب على هذا التهديد جاء في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن ما الذي حدث؟
لجنة أمن ولاية الخرطوم، حاولت تأكيد تهديدات السفارة الأمريكية، فأصدرت قراراً بإلغاء مباراة القمة السودانية بين الهلال والمريخ التي كانت مقررة يوم (الجمعة)، لأسباب أمنية.
اللجنة بعثت بخطاب رسمي لاتحاد الكرة وفريقي الهلال والمريخ، بشأن القرار، دون أن تشرح إن كانت هذه المهددات داخلية أو خارجية..
لكن اتحاد الكرة عاد وأصدر قراراً بأن المباراة ستُقام يوم السبت، أي أمس..
ولكن لأن المهددات الأمنية خطيرة، ألغت لجنة أمن الولاية قرار الاتحاد بإقامة المباراة أمس..!
البعيدون عن المشاكل الداخلية والتفاصيل المملة داخل ناديي “الهلال والمريخ” – تحديداً الأخير – لا يمكن أن يمر على خاطرهم أن تلك الخلافات قد تتحول إلى مهددات أمنية وإرهابية..!
كيف تُحرج ولاية الخرطوم، وزارة الخارجية بمثل هذا البيان المخيف الذي يحمل أكثر من تفسير؟ ولماذا تتسم هذه التصرفات “بقِصر النظر” الذي لا يتعدى مداه حدود أشخاص؟!
بدلاً من يحمي المسؤولون عن الأمن المباراة من أي تهديدات محتملة ليأكدوا على قدرتهم وإحكام قبضتهم يصدرون قراراً بإلغاء المباراة باعتبارها أسهل الحلول الممكنة والمتاحة..!
يا للهول، إن تحول مجرد خلاف بين “أفراد” داخل نادٍ، إلى مهدد أمني خطير يستحق أن تُلغى له مباراة، لا أن تؤجل، ويُصدر له قراران وليس واحدا..
كامل التضامن مع الخارجية..!