باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

الطاهر ساتي: الضحية الأخرى..!!

490

:: بعد هجومها القبيح على المواطن الذي أدى واجبه (كما يجب)، وبعد تهديدها لهذا المواطن الصالح بالبلاغ، وبعد شتم وزيرها وتشهيره بشقيق هذا المواطن، وزارة الصحة بالخرطوم تُقرر إيقاف مدير عام مستشفى بحري لحين انتهاء عمل لجنة تقصي الحقائق في قضية تصوير هذا المواطن لبعض مشاهد الفشل والعجز واللامبالاة بثالث أكبر مرفق صحي في البلاد من حيث تردد المرضى.. ليبقى السؤال، أما كان الأجدى والأرحم بالناس والبلد أن يتم إيقاف مدير المستشفى والتحقيق في قضية الصور (أولاً)، ثم شتم المواطن والهجوم على شقيقه (لاحقاً)..؟؟

:: لقد اجتهد الوزير مأمون حميدة ومدير عام وزارته بابكر محمد علي – طوال الأسبوع الفائت – في التستّر على فضيحة مستشفى بحري وتغطية المسؤولين عنها بستار المحاباة والمحسوبية، وفي سبيل تستّرهما كادا أن يحولا قضية عامة إلى (قضية شخصية) مراد بها اغتيال شخصية المواطن وقضيته العامة.. ولكن بفضل الله ثم بوعي الشعب، فشل الوزير ومديره العام في (وأد القضية).. ولسوء تقديرهما لوعي المواطن، تجاوزت ثورة تصوير أوجه الفشل والكسل والعجز مشافي الخرطوم إلى مشافي السودان..!!

:: ويجب أن تتواصل ثورة الوعي بحيث يصبح أي مواطن سوداني رقيباً على خدماته بكل ولايات السودان.. وعلى الناس والصحف وكل وسائل الإعلام أن تشكر وتحتفي بجهد أي مواطن صالح يفضح فشل وعجز وكسل من نسميهم بالمسؤولين بكل مرافق الدولة، وليست المشافي فقط.. ومن المتغيرات الحميدة للغضب الراهن على تردي الخدمات الصحية، سابقاً كان البعض يصب جام غضبه على الأطباء لحد الاعتداء عليهم حين يصطدموا بمشاهد الإهمال والفشل والعجز، ولكن تجاوز غضب الوعي هؤلاء الضحايا إلى حيث المسؤولين عن الإهمال والفشل والعجز (مباشرة)..!!

:: فالطبيب أيضاً – كما المريض – ضحية.. نعم، لعدم توفر القدوة الراشدة في السلطات الصحية، ولبخل الميزانية وبؤس نظم الإدارات، صار حال الطبيب في بلادنا – كما حال المريض – قاب قوسين أو أدنى من الجنون غضباً أو الموت حُزناً.. وليس من العدل أن نرمي الطبيب ما بين مطرقة بيئة عمل طاردة وسندان مريض غاضب.. وعلى سبيل المثال، تنشر دول الخليج تقارير الأخطاء الطبية المسؤول عنها الطبيب فقط، أي ليس الإدارة و الوزارة.. وبفضل الله ثم بسلامة الأداء دائماً ما تصدر قوائم الأخطاء الطبية في دول الخليج وغيرها خالية من الأطباء السودانيين.. وما خلت القوائم من أطباء السودان إلا لأنهم وجدوا بيئة العمل المهيأة بالاحترام قبل الاجهزة المعدات والراتب وحسن الإدارة..!!

:: وقبل كل هذا، وجدوا احترام وتقدير حكومات لا ترمي طبيبها مكتوفا من الأيدي في براثن التجار (غير المسؤولين)، ثم تطالبه بإنقاذ حياة المرضى بيد أن حياته – هو ذاته – بحاجة لمن ينقذها من مستنقعات هؤلاء التجار (غير المسؤولين).. فالأصل في طبيبنا – بالداخل أو بالخارج – هو الصدق والإخلاص والأمانة، وهذا ما يجب أن نحتفي به ونعض عليه بالنواجذ.. ولو وجد طبيبنا بالداخل من الاحترام الحكومي – بيئة العمل والأجهزة والمعدات والراتب – ربع ما يجده طبيبنا الخارج، لما وجد المواطن مشهداً قبيحاً يستدعي التصوير والنشر، ولما صدرت صحف الخرطوم – على مدار العام – بمآسي المرضى وأسرهم..!!

التعليقات مغلقة.

error: