الكتابة في “قانون الصحافة والمطبوعات” الكارثي المأساوي، يعد صعباً للغاية بعد أن وزع وزير الإعلام أحمد بلال، مسودة من مشروع القانون على رؤساء التحرير واحتفظ لنفسه بنسخة كان يقرأ منها خلال جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي.
الطريقة التي تمت خلالها المناقشة، أشارت بصورة أو أخرى إلى التضارب الواقع على الصحافة والإعلام من قِبل مؤسسات الدولة، (وزارة الإعلام، مجلس الصحافة، جهاز الأمن، وزارة العدل…)
مشروع القانون يسير بذات الصورة التي تم الاعتراض عليها سابقاً، الأمر الذي يدعونا إلى التساؤل؛ عن جدوى التنويرات وجلسات النقاش التي تدعو إليها مؤسسات الدولة، طالما أنها لا تأخذ بملاحظاتهم شيئاً؟
المكرمة التي تمنحها الجهات المختصة للصحافة هي “فرصة الاستماع والتحدث” لا أكثر من ذلك.
ها هو القانون الذي جاء بمبادرة من الحكومة يحوي تعديلات لم تأتِ لصالح الصحافة وحرياتها البتة.
يتيح القانون جزاءً عقابياً قاسياً، يسمح لمجلس الصحافة بإيقاف الصحفي عن الكتابة وبتعليق صدور الصحيفة 15 يوماً بدلاً عن 3 أيام، وبإيقافها أيضاً لفترة غير محددة ربما تكون أسبوعاً أو عاماً.
ومنح القانون “المحكمة” سلطة تقديرية في إيقاع العقوبات دون وضع أحكام محددة كما بقية الجرائم.. (أن تترواح العقوبة بين كذا وكذا).
ويريد القانون الجديد السيطرة على الإعلام الإلكتروني وإحكام قبضته عليه كما فعل مع الصحف والإذاعات والقنوات، لكنه تناسى أن المواقع الإلكترونية المهنية و”المُعارضة” قدمت البديل الأنسب للقبضة الحكومية لتبث أخبارها دون أن يكون الموقع معروفاً بشكل رسمي للجهات المختصة.
وما زال في القانون عبارات حمالة أوجه خاصةً تلك المتعلقة بمحاذير الأمن القومي والسلامة العامة، دون أن تُفصل ما هي، والمعلوم أن مفهوم “الأمن القومي” للصحافة يختلف عن مفهوم “الأمن القومي” للحكومة.
ورغم تقدم العالم فيما يتعلق بمسألة العُمر، إذ أصبح الرؤساء والوزراء في سن العشرين والثلاثين، إلا أن القانون الجديد رأى أن يُرفع سن رئيس التحرير من 35 عاماً إلى 40.
بالله عليكم، هل يوجد تفسير لهذا الأمر سوى مزيد من التعقيدات؟!
ولم نفهم منذ البداية سبب إنقاص تمثيل الصحفيين في مجلس الصحافة من ثمانية إلى خمسة والاستعاضة بإضافة ممثلين لاتحاد العمال وأصحاب العمل والمرأة، فهل هو مجلس احترافي لمراعاة وضبط أصول المهنة أم إنه مجلس هواه ومنظمات مجتمع مدني؟
ما الغرض من هذه الإضافات وما هي إسهاماتها داخل المجلس؟ وهل يعجز الصحفيون الممارسون عن القيام بالمطلوب؟
سنكتب ونحتج، وفي النهاية سيُجاز القانون بهذه الصورة أو بتعديلات سطحية.. حينها سنقتنع أننا لا نملك قانون يحمي الصحفي والصحافة في السودان!
التعليقات مغلقة.