باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

المصارف السودانية في مأزق “انعدام الثقة” أمام المواطنين

577

الخرطوم: باج نيوز

لازمت كلمة “فقدان الثقة”، المصارف السودانية في الفترة الماضية، في عيون المواطنين، بعد تطبيق قرارات حكومية لإعادة التوازن للاقتصاد المحلي المتراجع.

وأبدى اقتصاديون ومحللون، اعتراضهم على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، خاصة تحجيم الكتلة النقدية في السوق، ومحاولاتها تقليص السيولة، لتأثيرها السالب على عمل المصارف.

وأصدرت الحكومة والبنك المركزي في الخرطوم، رزمة إجراءات للحفاظ على النقد الأجنبي في السوق المحلية، وسحب السيولة من السوق المحلية لخفض نسب التضخم.

في فبراير، أصدرت الحكومة السودانية، قرارا بتحجيم الكتلة النقدية بعد هبوط مخيف لقيمة الجنيه السوداني أمام الدولار وبلوغه 45 جنيها، كأعلى قيمة يصلها الدولار.

بعدها تلقت المصارف توجيهات من البنك المركزي بتحديد سقوفات سحب العملاء عند حدود معينة، فضلا عن عدم تغذية الصرافات الآلية، الأمر الذي خلق أزمة حادة في السيولة.

** حرب الشائعات

وزير المالية، محمد عثمان الركابي، ألقى باللائمة على أعداء، لم يسمهم، يديرون حربا اقتصادية على السودان، عبر ترويجهم شائعات مغايرة لإجراءات الحكومة و”المركزي”.

وقال “الركابي” الثلاثاء الماضي، إن الحرب الاقتصادية أخطر، “بدأ الناس يحاربون أنفسهم بأنفسهم عبر الشائعات، وهذا سيؤدي لتحطيم اقتصاد وطنهم.. الشائعات جعلت المواطنين يأخذون الأموال من البنوك ويضعونها في منازلهم”.

ورغم الوعود الحكومية المتكررة بالعمل على حل أزمة السيولة، إلا أنها أضحت وعوداً غير قابلة للتصديق بعد تكرراها، دون وجود أثر ملموس على الواقع، وفق خبراء.

وآخر الوعود الحكومية، قول وزير المالية، الإسبوع الماضي، أمام نواب البرلمان إن “البنك المركزي يقوم بإجراءات قيد التنفيذ، والإعداد لحل أزمة السيولة التي تعيشها البلاد بصورة جذرية، فضلاً عن إعادة الثقة في النظام المصرفي”.

وأدت هذه الإجراءات، إلى إحجام عملاء المصارف عن إيداع مدخراتهم في فروع البنوك، والاحتفاظ بها خارج نطاق الجهاز المصرفي.

ويعاني السودان من شح في النقد الأجنبي منذ انفصال جنوب السودان في 2011 وفقدان ثلاثة أرباع موارده النفطية بما يقدر بـ 80 بالمائة من موارد النقد الأجنبي.

وبلغ عجز موازنة السودان العام الجاري، 28.4 مليار جنيه (4.11 مليارات دولار)، تشكل نسبته 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

** ودائع العملاء

وأكد مدير شركة لاستيراد الأدوات الكهرابائية، فتح الرحمن أحمد، عدم رغبة جميع الشركات العاملة في الأسواق، على إيداع نقودهم لدى المصارف، لجهة أنها لن تكون متاحة عند احتياجهم لها.

” لايمكننا العمل بدون وجود سيولة متوفرة بين أيدينا، لإكمال إجراءات الاستيراد، ولن نستطيع أن نودع أموالنا في المصارف لأننا لن نجدها”، بحسب حديث أحمد للأناضول.

وانتابت حالة من التخوف لدى المصارف السودانية بعد الانخفاض الكبير الذي شهدته ودائع العملاء خلال الفترة الماضية، بما أثر على حجم التمويل الممنوح للقطاعات الإنتاجية.

وقال موظف في مصرف سوداني- فضل حجب هويته-، إن ” ودائع المصارف شهدت انخفاضاً ملحوظاً عقب إجراءات تحجيم الكتلة النقدية الأخيرة”.

وحذر من أن استمرار الوضع على ما هو عليه، سيؤدي في مقبل الأيام إلى انهيار كامل للجهاز المصرفي السوداني.

** تعقيد الأزمة

ورأت الصحفية المهتمة بشؤون الاقتصاد، سمية سيد، أن الحكومة تعمل على تعقيد معالجة الأزمات الاقتصادية في البلاد.

وأشارت “سيد”، إلى أن “المركزي ” فشل في خلق أجواء معافاة لسعر صرف الجنيه، أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، فلجأ إلى تحجيم الكتلة النقدية في أيدي المواطنين.

ووصفت سيد، الإجراء بالخاطئ، “والذي ساهم في خلق أزمة أكبر من أزمة استقرار العملة الوطنية، تمثلت مظاهرها في فقدان ثقة العملاء في المصارف السودانية”.

وأوضحت، أن رجوع الثقة في الجهاز المصرفي، سيحتاج إلى فترات طويلة حتى يستعيد العميل ثقته في القطاع، عبر سياسات تحفيزية وتشجعية لجذب المدخرات.

ونوهت، إلى أن عدم تمكن العميل من سحب مدخراته بالمصارف، أدى إلى اهتزاز الثقة بين العملاء والقطاع المصرفي، وجعلت العملاء يتجهون الى الاحتفاظ بمدخراتهم في العقارات والذهب.

وحذرت من عواقب وخيمة، ستصيب الاقتصاد حال فشلت المصارف في تمويل المشاريع الإنتاجية والتنموية.

** استعادة الثقة

بدوره شدد الخبير الإقتصادي، محمد الناير، على ضرورة أن يسرع الجهاز المصرفي في استعادة الثقة بينه وبين عملائه، من خلال إتاحة أموال المودعين .

ويرى أن “الجهاز المصرفي في البلاد يحتاج إلى بث رسائل تطمينية وتشجيعية، وتعزيز الثقة في التعامل عبر الشيكات المصرفية، وتفعيل وسائل الدفع المقدم”.

وقال: “المصارف لا تعمل من خلال رؤوس أموالها، إنما تعتمد على أموال المودعين في تمويل مشاريع القطاعات الإنتاجية”.

وطالب الناير، “المركزي”، بالسماح للعملاء من السحب من أرصدتهم إلى حين أن تعمل الحكومة على تهئية البيئة للدفع عبر وسائل الدفع الإلكتروني. –

نقلاً عن الأناضول

التعليقات مغلقة.

error: