:: يوم الثلاثاء الفائت، تحت عنوان (المحرشكم منو؟)، كتبت عن خبر تنفيذ أهالي منطقة النوبة بالكاملين تظاهرة احتجاجاً على زراعة علف الرودس بمشروع ألبان شمال الجزيرة بمظان أن الرودس تسبب في توالد الناموس الناقل للملاريا.. وسألت عن علاقة الردوس بتوالد الناموس، بحيث يحتج الأهالي النوبة على زراعته ولا يحتجون على زراعة القمح والقطن (مثلاً)؟.. وأكدت بعدم وجود علاقة بين الردوس وتوالد الناموس، أو كما يجتهد صُناع الحدث في خداع الرأي العام وبعض وسائل الإعلام.. ثم كتبت فيما كتبت بأن الناموس يتوالد في البرك الآسنة والمستنقعات وفي كل المشاريع والحواشات، ردوساً كان الزرع أو عدساً وفولاً..!!
:: وكنت أظنه استثماراً أجنبياً، ولكن – كما علمت من بعض الأهل بالكاملين – فالمشروع من مشاريع رجل الأعمال السوداني معاوية البرير.. وأن يكون الاستثمار أجنبياً أو وطنياً ليس مهماً، فالمهم سؤالي عن العلاقة ما بين الرودس والناموس لم يعجب من تظاهروا على شارع الخرطوم مدني، فتظاهروا – مرة أخرى – على وسائل التواصل، ثم هرجوا كثيراً وشتموا كثيراً، ولكن لم يرد أحدهم على سؤال القضية: (ما علاقة الردوس بتوالد الناموس؟).. فالمؤكد – علمياً – هو أن الردوس يتميز بإنتاجية عالية وقيمة غذائية، مما يجعله مناسباً للتصدير في شكل حزم، ويتميز بحماية التربة من التعرية، ومقاوم للجفاف والملوحة، ومستساغ لكل الحيوانات ويساعد في خصوبة التربة..!!
:: وتلك المعلومات ليست من وحي الخيال، بل منقولة – بالنص – من ورقة علمية كتبها البروفيسور عوض عثمان أبو سوار، أستاذ المراعي والأعلاف بكلية الزرعة بجامعة الخرطوم، وقدمها لإحدى ورش العمل – بتاريخ أغسطس 2007 – بعنوان: (إدخال علف الرودس كمحصول مروي: المزايا والعيوب).. وفي ذات الورقة يتحدث أبو سوار عن نظم الري، والتي منها (المطري).. والري المطري يعني أن هذا العلف النجيلي لا يستهلك (مياهاً كثيرة)، ولا تتم زراعته – كما الأرز – في مستنقعات مائية، أو كما يتوهم البعض بحماقة ويُهرّج بجهل..!!
:: وكل تفاصيل الرودس ونظم الري ومقادير المياه بورقة أبو سوار متاحة – لأي باحث عن المعرفة والحقيقة – بالمواقع الإلكترونية.. وإن كانت ثمة عيب لهذا العلف، فهي – كما ذكرها أستاذ المراعي والأعلاف بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم – بالنص: (عند إدخال المحصول في الدورات الزراعية قد يخلق مشكلة في المحصول الذي يليه في الدورة لصعوبة التخلص من الرايزومات التي يتكاثر منها المحصول).. أي لا يتسبب في توالد الناموس كما يتوهم البعض، وكذلك لا يتسبب نظام ري الرودس في تشكيل البرك والمستنقعات كما يُهرج البعض الآخر..!!
:: وتقول خلاصة الورقة العلمية: (بما أن المزايا تفوق العيوب كثيراً، فيمكن زراعة الرودس إروائياً، والتي تمكن من الحصول على إنتاجية عالية، ويمكن الاستفادة منه في استزراع المراعي الطبيعية المتدهورة في المناطق ذات الأمطار المناسبة)، هكذا الرأي المختص، فلماذا التهريج؟.. وعلى كل ، إن كانت هناك قضية أخرى وعادلة مخبوءة تحت (ستار الناموس)، فلتكن هناك شجاعة تُجاهر بهذه القضية حتى ندعمها ونتظاهر لها مع المتظاهرين.. وإن كانت القضية هي الناموس فقط لا غير، فكافحوا الناموس بالتظاهر ضد السلطات الولائية والمحلية، بدلاً عن مُكافحة المشروع بالتظاهر ضده والتهديد بحرقه.. حالكم – وأنتم تطالبون بتجفيف المشروع وطرد المستثمر، لمكافحة الناموس – لا يختلف كثيراً عن حال البصيرة أم حمد التي قطعت رأس ثورها لإخراجه من الجرة..!!
Tahersati@hotmail.com
التعليقات مغلقة.