:: كما يحدث في المسلسل الكويتي، والذي يتم عرضه على قناة الكويت الأولى، ومسلسل مصري آخر، دائماً في مثل هذا الشهر الفضيل من كل عام، وكأنهم لا يجدون مايتسلون به غير شعبنا وبلادنا، تفرد بعض الفضائيات العربية شاشاتها لبعض ذوي المواهب المهتزة ليمارسوا مهنة السخرية من شعبنا المهذب وبلدنا الطيب تحت ستار الدراما والتمثيل.. ولم تسقط من ذاكرتنا تلك الحلقات التي كانت تبثها فضائية خليجية تحت مسمى (طاش ما طاش)، حيث كان السوداني فيها يلعب دور الساذج الكسول الذي لا يفهم، وإذا فهم لا يتقن التنفيذ..!!
:: وهؤلاء البلهاء، لو جسدوا الدور الذي ظل يلعبه المواطن السوداني – فكراً وساعداً – في بناء دويلاتهم لأشدنا بهم وشكرناهم، ولو عكسوا أخلاق أهل السودان الذين يعيشون بينهم بقيم الطهر والنقاء والنزاهة والإخلاص لشكرناهم، ولو بادلوا وفاء بني جلدتي وحبهم لهم بوفاء وحب لاثنينا عليهم، ولو اعترفوا بفضلنا عليهم لاعترفنا بأفضالهم علينا أيضاً.. ولكن أن يستغل أنصاف المواهب هذا الشهر الفضيل لإظهار السوداني بمشهد الساذج أو العبيط أو الأحمق، هذا أمر نرفضه ونستنكره، ولا نرضاه لشعبنا ووطننا، ولا نقبله لسفيرنا المغترب ببلادهم..!!
:: للسوداني في بلادهم خصال سامية، وهم يعلمونها وتعاشروا معها، وكل صفة تصلح أن يكتب فيها المبدعون شعراً ورواية ، وكل خصلة تصلح أن يجسدها المخرجون مسلسلاً وفيلماً، وللسوداني في بلادهم مواقف من النبل والشهامة والصدق والأمانة، وكل موقف يصلح أن يكون مسرحاً لتعليم الأمم والشعوب لتلك القيم.. ولكن السفهاء حين لم يجدوا من يجسد لهم في (هطرقاتهم) المسماة بالدراما دور المغفل والساذج لجأوا إلى السوداني الذي يكظم الغيظ والحزن احتراماً لآداب الضيافة، وهم يظنون الاحترام ضعفاً وكظم الغيظ والحزن قبولاً لهذه الحماقة..!!
:: لنا فضائيات بمساحة الفضاء، ولها أرشيف من المنوعات والدراما تجاوز النصف قرن عمراً، وعلى صحف الكويت ومصر أن تبحث في هذا الإرشيف، ثم تنتقد إن وجدت مشهداً كويتياً أو مصرياً لا يليق بهم.. لن يجدوه.. لا لأزمة التفكير في مبدعينا، ولا لقلة ما يمكن تقديمه، ولكن لأدب راسخ في نفوسنا وأخلاق سودانية تحول بينهم وما يخدش حياء أهل الكويت وأذواقهم.. وكان على السادة بقناة الكويت الأولى القنوات التي دأبت على هذه الإساءات أن يبادلوا احترامنا لأوطانهم باحترام وطننا وتقديرنا لشعوبهم بتقدير شعبنا، بدلاً عن رد جميل الاحترام بقبح الاحتقار..!!
:: ثم أن قضايا الأمة العربية التي يمكن عكسها درامياً على (قفا من يشيل).. شلالات الدم التي تكاد أن تجرف الشعوب تصلح لذلك.. بحيرات الدموع التي تكاد أن تغرق الأرامل والأيتام تصلح لذلك.. السجون والمنافي والمقاصل التي تحاصر العربي من كل جانب تصلح لذلك.. حرب داحس والغبراء التي تعيد ذاتها في تلك الفيافي تصلح لذلك.. وكل يوم تشرق فيه الشمس لا تغرب إلا وقد عانقت أشعتها (انكساراً عربياً)، ومع ذلك لا تجد هذه الانكسارات مخرجاً بارعاً أو قناة شجاعة، وهذه هي الأزمة الكبرى التي هم من مواجهتها يتهربون إلى الحائط السوداني..!!
التعليقات مغلقة.