باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

استقالة المدرب الشهير تثير تساؤلات في سياسات وراهن كرة القدم بدول العالم الثالث

736

الخرطوم: باج نيوز

متوشحاً ببطولة الأندية أبطال أوروبا لثلاث سنوات يفاجئ مدرب ريال مدريد العالم باستقالته من تدريب الفريق الملكي..

الأحد الفائت كان زيدان يقف في قلب (البرنابيو) الاستاد الخاص بنادي ريال مدريد الإسباني متوشحاً بنجمته الثالثة. المدرب الفرنسي ذو الأصول الجزائرية كتب تاريخاً خاصاً به في البطولة الأكبر للأندية الأوروبية، فهو الوحيد الذي استطاع الفوز بها لثلاثة أعوام متتالية الرقم الذي سيجعل منه أسطورة تدريب لن تتكرر في القريب العاجل.
أمس الخميس كان العالم على موعد مع حدث آخر بطله ذات الفرنسي زين الدين زيدان الرجل محروساً بإنجازاته وبحضور رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز، يكتب استقالته مغادراً النادي وهو في قمة عطائه، ثلاثة أيام فقط كانت هي الفترة الزمنية بين كأس البطولة الأوروبية والاستقالة التي تقدم بها زيدان من منصبه.
1
غادر زيدان منصبه وهو في قمة العطاء وهي المغادرة التي فتحت أبواب التساؤل: لماذا فعلها زيزو؟ السؤال بالطبع تكرر بإلحاح في دول العالم الثالث بينما تبدو أجابته معروفة لمن اتخذه ولمن يتعاطون معه في المجتمعات المتقدمة. استقالة زيدان تصلح لأن تكون آلية للمقارنة بين عالمين؛ عالم يتشبث فيه صاحب الكرسي بكرسيه وعالم يرى أن المكوث في الكرسي متعلق بصنع مجد وفتح الباب أمام آخرين لتحقيق ذات المجد.
حكاية ابن الجزائر الذي وشح فرنسا بتاجها العالمي الأول في المونديال في العام 1998 تسبقها حكاية أخرى حيث كان من المؤمل أن ينضم زيدان لكتيبة المنتخب الجزائر وتمثيله لكن الشاب الذي هبط في مطار الجزائر لم يجد من يستقبله فعاد من حيث أتى وذهب ليمنح فرنسا كأس العالم، يتساءل البعض: لو أن زيدان كان قد مضي في مشوار كونه عربياً فما الذي كان سينجزه؟
2
على ذكر الثلاثية؛ في إحدى مباريات منتخبنا الوطني وتحديداً في الجابون كان محمد عبد الله مازدا مدرباً للمنتخب وقبل نهاية المباراة بخسارة السودان بثلاثية ومغادرته البطولة خرج المدرب لمايكرفون قناة بي إن سبورت معلنا استقالته من تدريب صقور الجديان؛ المفارقة هي أن الثلاثية الجابونية كانت امتداداً لثلاثيات سبقتها وفي وجود ذات المدرب لم يكن استمراره في الفشل باعثاً ودافعاً له لتقديم الاستقالة، لم تنته القصة هنا وإنما استمرت حين أعلن اتحاد الكرة استمرار المدرب في موقعه رغما عن أنف الاستقالة. وبعدها مضى الرجل ليجلس رئيساً للجنة التدريب المركزية وممثلاً للرياضين في البرلمان، وبالطبع لم تتغير نتائج الكرة السودانية ولم يحقق المنتخب الوطني صعوداً في سلم التقدم.
3
في مؤتمر استقالته من نادي ريال مدريد لم يشر زيدان لأنه كان أسطورة النادي ثلاثة أعوام، لم يقل إنه أنجز ما لم ينجزه سواه، بل إنه تقدم باعتذاره عن إخفاقات بداية الموسم السابق لفريقه في بطولة الدوري الإسباني. بالطبع مشهد مغادرة زيدان للقلعة البيضاء يفتح أبواب التساؤل حول مغادرة من كانت تعتبرهم الجماهير أساطير في الكرة السودانية في عهدها القريب. الصورة تنعكس على كل من قائد المنتخب الوطني والهلال السابق هيثم مصطفى ونجم نجوم المريخ فيصل العجب. بالنسبة لعدد من النقاد فإن مغادرة النجمين مثلت نهاية مأساوية لتجاربهما وخصمت منهما الكثير، وهو ما يرده الناقد الرياضي حسن فاروق لحالة عدم تجذر الوعي لدى هؤلاء النجوم ولعجزهم عن التعاطي المنطقي مع كونهم أساطير. بالنسبة لفاروق فإن محاولة عقد المقارنة من أساسها أمر لا يحتوي على منطق، الحياة التي يظن البعض أنها انتهت هي في الأصل خطوة لتجربة جديدة وهو ما سيفعله زيدان في مقبل المواعيد.
4
في قراءتهم من دفتر استقالة زيدان يتساءل السودانيون حول آخر استقالة كانوا قد رأوا أن أحدهم تقدم بها بسبب إخفاقه في إنجاز ما تم تكليفه به؟ بالطبع الإجابة هنا: (لا توجد)، إذ أن فضيلة الاعتراف بالتقصير لا يتم التعاطي بها في هذه المجتمعات ومن يفشل فليس أمامه غير سبيل إعادة التجربة مرة أخرى وفي ذات الرؤوس دون أن يرمش له جفن. بالطبع الأمر يرتبط أيضاً بطبيعة المجتمعات واختلافاتها وهو ما جعل البعض يستعيد عبارة كان قد صرح بها مسؤول الحج العمرة في ولاية القضارف عقب إخفاقات متعددة انتهت بوفاة حجاج، لم يجد ما يقوله الوزير ساعتها إلا إن (الاستقالة سلوك غربي لا مكان لها في المجتمعات الإسلامية).
5
القول هنا مع الفعل الذي اتخذه مدرب الريال زين الدين زيدان يؤكد على فرضية أساسية مفادها أن ما حدث هو في الأساس تعبير عن اختلاف بين عالمين وبين مجتمعين؛ مجتمع يمضي للأمام بخطوات متسارعة ومجتمع يتراجع للخلف وبذات الخطوات، وهو أمر يتم رده بشكل رئيس لاختلاف طبيعة التفكير بين ما يجري في كلا المجتمعين وطريقة تعاطيهما مع الأحداث، وهو ما يجعل البعض يتساءل: هب أن زيدان تقدم باستقالته هذه من فريق في إحدى الدول من حولنا؟
لا إجابة غير الرفض.. أليست هي نفسها المجتمعات التي تخرج للشوارع من أجل منع الرؤساء من المغادرة وتطالبهم بالتجديد لدورات جديدة بغض النظر عما قاموا به أثناء سنوات حكمهم؟.. وهو ما يؤكد على أن هذه المجتمعات ترفض التغيير أو تخشى عواقبه.
6
أخيراً غادر زيدان قلعة الريال مستقيلاً وسط تباينات حول أسباب الاستقالة التي لا تخرج في سياقها العام عن إحساس الرجل بأنه لن يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله وأن اللحظة هي اللحظة المناسبة لاختيار الترجل عن السفينة، ورأى أن المغادرة في قمة العطاء أمر يختلف من الخروج مجبرا، خصوصا وأنه في ريال مدريد دائماً ما يخرج المدربون بالإقالة، لكن الأمر تغير مع زيدان الذي اختار التوقيت المناسب لوداع البرنابيو وجماهيره.
هي لحظة ستحفظ للجزائري الفرنسي الجنسية موقعه كأسطورة مدريدية لن تتكرر وبالطبع ستسمح له بأن يبتدر مشروع تميز جديد بعيد عن الضغوط التي تواجهه في أفضل ناد لكرة القدم في العالم.
بعيداً عن كل ذلك فإن الملقب بـ(زيزو) أثبت أنه يستطيع التعامل مع الواقع من حوله بشكل إيجابي مثلما أرسل رسالته للعالم القابع خلف البحار، العالم الذي غادره دون أن يعود إليه.
لا تنتهي المفارقات هنا؛ ففي الوقت الذي ينشغل فيه العالم باستقالة مدرب ريال مدريد، يسرب البعض كشفا جديدا للإحالات والتنقلات في السودان وهو ما يؤكد على استمرار فرضية أن ما يجري لا يعدو كونه تفاصيل الفرق والاختلاف بين عالمين.

نقلاً عن اليوم التالي

الزين عثمان

التعليقات مغلقة.

error: