باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

سمية سيد: للفساد وجوه كثيرة

606

بعد ثلاثة أيام من البحث والاستقصاء لمعرفة أسباب كارثة الباخرة (مرزوقة كي) بدأت تتدفق أمامي كمية من المعلومات التي تشير إلى أن وراء كل كارثة اقتصادية تحل بالبلاد مجموعة من الفاسدين الذين يعملون على تخريب الاقتصاد الوطني.
أمس وبناء على طلب أحد المتضررين أمرت محكمة سواكن بالحجز على العبارة ووجهت سلطات الموانئ البحرية بعدم إطلاق سراحها إلا بعد إيداع مبلغ ثلاثة وعشرين مليوناً وتسعمائة ألف جنيه أو صدور أمر آخر.
حتى أمس وصل حجم نفوق الضأن الذي رجع من ميناء جدة بعد رفض السلطات السعودية دخوله ما يقارب الـ7 آلاف رمي بها على عرض البحر الأحمر من جملة 10 آلاف رأس، وفقدت خزينة الدولة 3 ملايين دولار عائد من صادر الشحنة المنكوبة.
الباخرة حملت أكثر من طاقتها فبدلاً من شحن 8 آلاف رأس زج بها 10 آلاف رأس، التكدس أحدث مشكلة في عملية التنفس لكن هذا أمر متروك التفصيل فيه إلى الجهات الفنية المختصة إذا ما خضع الأمر إلى تحقيق.
وقبل تحميل المسؤولية إلى الباخرة ليس هناك ما يجعل أيدي بقية الجهات بيضاء نظيفة لم تتلطخ بدماء الضأن الذي أصبح وجبة جاهزة لحيتان البحر الأحمر .
معلوم أن اتفاقاً تم بين السلطات السعودية ونظيراتها في السودان حول الاشتراطات الصحية والفنية لصادرات الماشية السودانية. وكان هناك التزام تام من قبل السودان ولكن ….
في البدء يجب التأكيد تماماً بأن الماشية التي حملتها الباخرة المنكوبة لم تكن تحمل أمراض حمى نزفية أو غيرها من أمراض الحيوان التي تمنع أكلها بواسطة الجهات الصحية الدولية..والمؤكد أيضاً أن السودان خالٍ تماماً من تلك الأمراض بشهادة منظمة الصحة العالمية .
ما حدث فعلاً هو إما إهمال وتراخٍ في تنفيذ الشروط الصحية المتفق عليها والمعمول بها في صادرات الماشية داخل المحاجر الصحية هنا في بلادنا..أو أنه عمل مقصود. وفي الحالتين يستوجب الأمر ليس تحقيقاً (امغمتي) فهو أدعى أن يكون سبباً وجيهاً أن تطير رؤوس كبيرة وكثيرة.
الباخرة كانت تحمل حملاناً لا يزيد عمر الرأس عن ثلاثة أشهر فقط فيما يقل وزن الواحد عن 20 كيلو جراماً. وهذا أول خلل أو فلنقل أول خيط في عملية الفساد التي راحت ضحيتها كل الشحنة مع إهدار المال وسمعة البلاد.
تم تقديم كافة المستندات التي تؤكد سلامة البهائم من السلطات السودانية والتأكيد على أنه تم تطعيمها داخل المحاجر وانتظرت المدة المقررة قبل الشحن وهي ثلاثون يوماً، وحملت شهادة صحية من المحجر البيطري وشهادة جودة من المواصفات والمقاييس. وذكرت المستندات المقدمة لسلطات الحجر الحيواني السعودي أنه تم تحجير الشحنة 48 ساعة من التحقين. كما تم تسليمها الأورنيك الصادر لنقلها للمحاجر النهائية يبين العدد وأنواع الفحوصات.كل الإجراءات كانت سليمة على الورق بينما الواقع كان أمراً مختلفا.ً
عدد من الورش والسمنارات حول صادرات الثروة الحيوانية آخرها المنتدى الاقتصادي على قناة سودانية 24 والذي كنت مشرفة عليه ،كان بعض المتحدثين من ذوي الاختصاص يشيرون إلى وجود تلاعب وفساد في إجراءات وفي ديباجات صادرات الثروة الحيوانية ،بل أن رئيس الوزراء ذكر ذات مرة وجود هذا التلاعب مما أضعف عائدات صادر قطاع الماشية.
في مرات سابقة تم فتح بلاغات في تجاوزات وتم عدد من الشكاوى من مصدرين حادبين على مصلحة البلاد لكنها راحت(شمار في مرقة).
المؤكد أن داخل الجهات المسؤولة عن التصدير مجموعة سماسرة تستخرج تصاديق تصدير إناث الضان وإناث الإبل وغيرها من الإجراءات المحظورة بالقانون.
اليوم ربما يمثل وزير الثروة الحيوانية أمام البرامان لإحاطة النواب بتفاصيل ما حدث، لكن من المهم ألا يكون هناك تضليل للبرلمان ولمجلس الوزراء وللرأي العام بتنصل الوزارة عن مسؤوليتها المباشرة عن هذه الكارثة. ومسؤولية الوزارة لايتحملها وزير قادم إليها عبر المحاصصة السياسية وإنما تقع على عاتق الفنيين وعلى رأسهم الوكيل كمسؤول أول عن سلامة الإجراءات.
ثمة سؤال جدير بالنقاش..وهو لماذا يظل مدير المحجر البيطري بالقضارف في موقعه 17 عاماً دون نقل أو تغيير؟

التعليقات مغلقة.

error: