لينا يعقوب: قانون الشقاء..!

مشروع قانون “خطير” أودع منضدة البرلمان قبل أيام، يستحق نقاشاً مستفيضاً لما يحمله بين ثناياه..

خلال الفترة الماضية، وجدت القوانين التي يُمكن أن يُحاكم بها المتهمون في تخريب الاقتصاد والتعامل مع النقد الأجنبي حظاً وافراً من النقاش، ورأى بعض القانونيين أن هناك بنوداً غير واضحة في هذا الشأن وتحتمل “سلطة تقديرية”.

مشروع قانون “التعامل مع النقد الأجنبي” الجديد، بحسب عضو البرلمان الفريق خليل محمد صادق، “تجريمي” لأنه يُجرم من يحوز على النقد الأجنبي ومن يسوقه ومن يتعامل به..!

ويشير العضو إلى أن العقوبة في هذا القانون تصل إلى السجن عشر سنوات، ويعتبره “بمثابة إسفين في نعش الاقتصاد”.

في ظل شُح البنوك في توفير السيولة للعملاء و”شُحها” أكثر لدرجة حد “الندرة” في توفير الدولار واليورو للمواطنين الراغبين – لأسباب مختلفة – بالحصول عليه، كيف تُجرم الدولة من يحوز على الدولار ويبيعه للمواطنين؟

منذ بداية العام الحالي، تحديداً بعد رفع الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً، أصبح الدولار “سلعة” نادرة الوجود..

وصل الفرق بين سعره الرسمي وفي السوق الموازي إلى 10 جنيهات، رغم السياسات الاقتصادية المتخذة و”المتزايدة” للحفاظ عليه، حيث لم تُفلح الجهود المبذولة في جذب أموال المغتربين وحظر السلع وإيقاف الاستيراد والسياسات المتبعة في حصائل الصادر وبيع الذهب وغيرها في تقليل الفارق الموجود بين السعر الرسمي والسوق الأسود..

ومع الحديث المتزايد عن وجود بواخر محملة بالوقود كانت في انتظار “حزمة” من النقد الأجنبي كي تُدفع لها وتُسلم كما قال وزير الدولة بالنفط في البرلمان، سيصبح هذا القانون “المُجرم” لمن يحوز على النقد الأجنبي مُجحفاً بحق.

سيقول قائل إن المتعاملين بالنقد الأجنبي هم سبب ارتفاع “الدولار” وتخريب الاقتصاد والتحكم في سعر السوق الأسود، وربما يكون الاعتقاد صحيحاً إلى حد ما، لكن إن احتاج المواطن لمئات أو آلاف الدولارات في سفره وعلاجه وتعليمه وأشيائه الأخرى ولم يجدها عند القنوات الرسمية، فأين المفر؟!
القانون بعد أن يرى النور، ربما يجعل أصحاب الودائع ينقلون أموالهم إلى مكانٍ آخر خارج السودان حتى يحافظوا على القيمة من التدهور والانهيار..

لا يجب أن تكون الحكومة قاسية أكثر مما يجب، للحفاظ على قيمة الجنيه التي لن تستقر بهذه الطريقة، فهذه الإجراءات لا تعود على المواطن سوى بالشقاء والعذاب..!