باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

لينا يعقوب: “أمانة” على المحك

1٬281

 

هل تذكرون قصة الراعي السوداني الأمين، الذي شغل الدنيا والناس واحتفت به السعودية، وكذلك السودان؟
شعر البعض بشيءٍ من الملل بعد الحفاوة المكثفة التي أحاطت به، والاهتمام المتعاظم الذي لقيه، لا لشيء، إلا لأنه “أمين”، رفض أن يبيع لمجموعة من الشباب “نعجة” بأي ثمن، لأنها ليست ملكاً له..
نعم.. كان موقفاً جميلاً يستحق الثناء، لكن الأصل في الأشياء، أن يكون الإنسان أميناً مخلصاً، والاستثناء أن يكون “خائناً، فاسداً، متجاوزاً”.
ظل إعلام السفارة السعودية في الخرطوم، يُرسل لنا ما تيسر من “أخبار ومواد” تُنشر في المملكة العربية السعودية عن أمانات السودانيين المقيمين بها، الأمر الذي عكس مدى تقديرهم لهذه الخصلة النبيلة..
تساءلت أمس، إن كان ذلك الانطباع سيتغير بعد أن صُدم الأمير السعودي عمرو بن فيصل آل سعود، بما حدث في بنك فيصل الإسلامي من تجاوزات ومخالفات، الأمر الذي جعله يطيح بلجنة مجلس الإدارة مساء السبت والتي كان موكلاً لها متابعة ومراقبة أعمال البنك، والشركات التابعة له.
مجلس الإدارة المكون معظمه من أمراء سعوديين، شكل لجنة تنوب عنه في البنك الذي يشاركهم فيه أيضاً مساهمون سودانيون، ووضعوا الثقة فيها، ولكن..!
إحساس “الأمانة” والصدق والمسؤولية أحاط بالسودانيين أينما حلوا وعملوا، فحتى إن راجت عنهم “العصبية، الجمود، الكسل” كانت أخلاق الأمانة تلازمهم..
غير أن ما أثارته “قضية القطط السمان” والمتجاوزين في المال العام، سيبدل الانطباع ويشوه الصورة ..
أجمل الروايات التي قرأتها كانت للروائي الغاني آي كوي أرما، “الخيرون لم يولدوا بعد”، والتي صور فيها الفساد المستشري في بلاده قبل عقود مضت، “بالثقافة العامة والمظهر الاجتماعي”.. فكان الجميع فاسدين مرتشين، باستثناء رجل واحد، هو بطل الرواية “The Man “..
أحد الفاسدين سأل “الرجل” عن سبب امتناعه من إنجاز معاملة، تدُر عليه دخلاً معقولاً ولا تسبب أذىً لأحد.. فأجابه “إنها أسوأ.. إنها في المال العام”.
لسنا في معرض الحديث عما دار في بنك فيصل أو البنوك الأخرى، لأن بعضاً منها أمام العدالة والقضاء، لكننا نتساءل عن الآخرين، الذين كانت تجاوزاتهم أخف شأناً وأقل ثمناً، وكانت عقوبتهم الإقالة من منصابهم فقط..!
كثيرٌ من “الخيانات” تظل عقوبتها “معنوية” بعيدة عن التجريم القانوني، رغم الضرر الذي أحدثته، خاصةً إن كانت في إطار تشويه الصورة الحسنة المرسومة “للشخص” أو “البلد”.

التعليقات مغلقة.

error: