باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

كلاسيكو المؤتمر السوداني.. مناظرة حامية بين تيارين حول انتخابات 2020

4٬264

الخرطوم: باج نيوز

استضاف دار حزب المؤتمر السوداني بضاحية شمبات شمالي العاصمة السودانية، مساء أمس، مناظرة حامية، ليس كما جرت العادة في الدول بين متنافسين في انتخابات أو حزبين، بل كانت بين قياديين يمثلان تياران داخل ذات الحزب –المؤتمر السوداني-، تيار يقوده نائب رئيس الحزب خالد عمر الشهير بـ”سلك” الذي يؤيد خيار “المنازلة” أي المشاركة في انتخابات 2020، وتيار ثاني يتزعمه القيادي بالحزب عادل بخيت الذي دافع باستماتة عن خيار المقاطعة وسط حضور جماهيري كبير تقدمهم رئيس الحزب عمر الدقير ورئيس الحزب السابق ابراهيم الشيخ.

منذ إعلان المؤتمر السوداني، عن المناظرة، جرى نقاش كبير بين الفاعلين السياسيين حوله. هناك من يرى أن الوقت غير مناسب للحديث عن الإنتخابات والأزمات تخنق النظام، بينما يرى آخرون أن الوقوت مناسب، والمناظرة عبارة عن تمرين ديمقراطي، وبين هذا وذاك لجأ البعض للتخوين.. أجواء ما قبل المناظرة جعل البعض يطلق عليه “الكلاسيكو” بين أقطاب حزب المؤتمر، عادل بخيت مُعلم الأجيال داخل الحزب، وخالد سلك، السياسي المُحنك .

عُزلة جماهيرية

المناظرة التي استمرت لثلاث ساعات و12 دقيقة و13 ثانية، شاهدها أكثر من 100 الف شحص، عبر خاصية البث المباشر بصفحة الحزب على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك”، كما حظي على أكثر من 1400 مشاركة و2 الف تفاعل.

بدأ خالد “سلك” الذي منح الفرصة الأولى أكثر انفعالاً ومتمسكاً برؤيته، قبل أن يوجه انتقادات قاسية لأحزاب المعارضة بما فيها حزبه، وقال إنها تعاني من عزلة جماهيرية لجهة ان خطابها وادواتها بعيدة عن الجماهير.

واستدل بأن المعارضة عندما توحدت في يناير وفبراير من العام الجاري ودعت لتظاهرات ضد الغلاء لم يخرج الى الشارع سوى نحو الف متظاهر في ظل أزمة يعاني منها أكثر من 30 مليون شخص، واعتبر أن ذلك مشكلة، مشدداً على ضرورة مراجعة عمل المعارضة وأضاف “المعارضة ليست تمام، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم لن يسقط، واذا سقط البديل سيكون أسوأ منه”.

يشير خالد إلى أن مسألة التغيير ليست صدفة، وأن النظام الحاكم لن يسقط بالدعوات، ويؤكد أن “النظام ضعيف لكن نحن –اي المعارضة- أضعف منه”، وشدد على ضورة معالجة نقاط الضعف واعتبره الطريق للثورة والتغيير.

خالد

ويعتبر خالد أن الانتخابات تعمل على تهيئة وتوفير بيئة جيدة للأحزاب تمكنها من الوصول الى المواطنين في مناطقهم. وأطلق خطة باتفاق المعارضة على ترشيخ 250 مرشحاً في 250 دائرة بالبلاد، ومن ثم بدء العمل إعتباراً من الآن لإسقاط المؤتمر الوطني فيها، وأضاف “حال نجحنا في ذلك نكون قد فزنا على الحزب الحاكم وحصلنا على اغلبية مقاعد البرلمان”.

قبل ان يكمل خالد حديثه قاطعته المنصة بإنتهاء فرصته المحددة بـ20 دقيقة، وفتحت الفرصة لقائد التيار المناوئ له.

أضرب الحمام

عادل بخيت الذي يحظى بشعبية واسعة داخل حزب المؤتمر السوداني، دخل وسط صفقات الجماهير وهم يرددون “أضرب الحمام”، في إشارة الى نسف رؤية خصمه خالد عمر، بالمقابل تعهد لهم بتعرية ما أسماه بـ”ورقة التوت”.

امتدح بخيت التفاعل مع المناظرة بالنقاش حوله في وسائل التواصل الاجتماعي لأيام، لكنه اشار الى انقسام الجمهور لضفتين “ضفة داعمة وضفة ناقمة”، ولفت الى ان المناظرة سببت نوع من القلق وسط الجماهير بشأن الانتخابات، غير أنه أوضح أن المسألة تحسمها مؤسسات الحزب وليس “عادل أو خالد”.

قال بخيت إن هناك كثير من تداول حول هذا المجهد –اي المناظرة، هناك من اشاد، وبالمقابل أظهر البعض مظاهر غير جيدة حول الحزب، قاطعاً بأن أي حزب يخشى مواجهة الراي العام فهو غير جدير بالبقاء وتحمل المسؤولية.

بعد مقدمة طويلة، تناول بخيت “جرعة ماء”، وقال “نخُش” –اي ندخل- وأضاف أنه جاء محملاً بـ”الدلائل والبراهين” وبدأ في تفكيك مصطلح “المنازلة”، مشيراً الى أنها تعني القتال، وقال “لكي لايحدث لبس يجب أن نسميها المشاركة” اي المشاركة في الانتخابات.

عادل

التيئيسيين الجدد

يرى عادل بخيت أن الانتخابات التي تجرى في ظل الانظمة الاستبدادية تجعلك تتنفس من الرئة التي يتحكم فيها النظام، وأطلق ذات السؤال الذي طرح منذ الاعلان عن المناظرة وسط الناشطين والفاعلين السياسيين حول “هل هذا الوقت مناسب للحديث عن الانتخابات ؟”

يجيب عادل “نعم”، وعزا ذلك “لأنني اعتبرها بداية حملة ضد تيار التيئيسين الجدد، وهو الاستجابة لليأس والإحباط”، وأشار الى أن هذه الحالة “قد تكون مقبولة من المعلقين السياسيين ولكن غير مقبول من الفاعلين السياسيين”.

يقول بخيت أن المقاطعة هي فعل إيجابي وتعني المقاومة وليس الجلوس في البيت، وأضاف “عندما نقول نقاطع نستخدمها في اطار المقاومة، وهي تعني رفض السلطة الجاثمة الآن وهي تدعو التي تقويض دعائم السلطة”، ويشير الى أن النظام لن يسقط في ظل احتفاظه بدعائم السلطة.

وسيلة جديدة للمقاومة

بعد مرور 20 دقيقة منحت المنصة الفرصة لنائب رئيس حزب التحالف الوطني السوداني، محمد فاروق للتعقيب على خالد عمر وهود داعم لخيار المشاركة في الانتخابات، وهو من أوائل الذين أعلنوا رغبتهم المشاركة في الانتخابات.

فاروق اعتبر أن المناظرة أكبر انتصار للديمقراطية في السودان، مشيراً الى انتهاء عهد أن يكون للحزب رأي واحد، منتقداً خيار المقاطعة وقال إنها جُربت في انتخابات 2010 و 2015، واعتبر أن ما يحدث الآن من أزمة هو نتاج مقاطعة المعارضة للإنتخابات السابقة، مؤكداً ان المشاركة في الانتخابات هي وسيلة جديدة للمقاومة واستحقاق ديمقراطي.

بدوره رأى الناقد السياسي عمر الصائم، والمعقب على خيار المقاطعة، أن الحكومة لم تقدم أي جديد حتى تجعلنا نفكر في المشاركة في الانتخابات، وأشار الى أن عملية الاصلاح التي ظلت تدعوا له الحكومة “لم ينفذ حتى الآن”.

إحلموا بعالم سعيد

عقب حديث المُعقبين، منحت المنصة فرصة – دقائق- لعادل بخيت للتعليق على خالد، أطل بخيت من جديد قائلاً: “أتمنى أن يكون عوداً حميداً مستطاب”.

حاول بخيت التقليل من حديث رفيقه خالد، وقال “كنت أتمنى أن أعلق على حجة مبنية على مزاعم تدعم خيار المشاركة، لكن لم أجد ذلك”، وأضاف “وجدتُ عرض جميل ولكن كانت تتطغى عليه لغة الخطابة لذلك تعذر علي ان اناقش ماذا يريد ان يقوله خالد”.

ورأى ان خوض الانتخابات ليس فيه نضال، واعتبرها “مجرد مساحيق جمالية من السهل ازالتها”.وختم حديثه بعد أن اعتذر لأمل دنقل “إحلموا بعالم سعيد” حتى لايؤثر عليكم أحاديث من وصفهم بالتيئيسين الجُدد.

الشعب يتيم

بدوره، بدأ خالد تعليقه من حيث إنتهى بخيت، نافياً أن يكون في حالة من اليأس “بل نحن طارحين التخلي عن حالة الحرد السياسي ببرنامج وعمل”، وأضاف “بدلاً عن ما تردده المعارضة.. انا مقاطع، لا اريد”، وقال إنه يدعوا إلى منازلة النظام وإسقاطه. هُنا تعالت صفقات الجماهير.

وأوضح أنه لايدعوا الى المشاركة في الحكومة بل إسقاطها، وإعتبر أن “قمة اليأس هو ان تقول للمواطن أقعد في بيتك وما تصوت”.

وقال إن لديه خطة واضحة وبرنامج يكمن في منازلة الإنتخابات، مشيراً إلى ان الشعب السوداني “يتيم” الحكومة تضايقه والمعارضة “ما شغالة بيهو”.

ولفت خالد الى عدم وجود نموذج واحد لسقوط نظام حاكم عن طريق المقاطعة، لكن بالمقابل هناك نماذج كثيرة حققت منازلة الأنظمة نجاحات في بلدان كبيرة وقال انها وسيلة مجربة، وطلب من خصمه “الإتيان بنموذج واحد لسقوط نظام عبر مقاطعة الانتخابات “.

وواصل في انتقاده لوسائل أحزاب المعارضة، وقال إن “الاتكالية هو الذي اقعد النظام لتسعة وعشرين عاماً”، وبشأن الحديث حول عدم توفر النزاهة وتهيئة البيئة للعملية الانتخابية، تساءل خالد “لماذا يمنحك النظام بيئة مناسبة ؟ يجب أن نقتلع حقوقنا”.

وتحدى خالد في ختام تعقيبه أنصار المقاطعة، بالكشف عن خطتهم لمقاطعة الإنتخابات العامة في السودان 2020، لكن بخيت قال إنه لايمكن ان يتحدث عن خطة ويمكن أن يقدم ورقة مكتوبة حول ذلك، لكن خالد إعتبره “فشل”.

تمثيلية جيدة

شهدت المناظرة عدد كبير من المداخلات من الداعمين لخيار المنازلة والرافضين، لكن المداخلة الأعنف كانت من بشرى الصائم الذي وصف المناظرة بـ”التمثيلية الجيدة” لحزب المؤتمر السوداني، وقال إن مثل هذه المسائل يجب أن تحسم داخل التنظيم.

وإتهم البشرى المؤتمر السوداني وأحزاب معارضة بتبني مخطط أمريكي بالمصالحة مع النظام، وقال إن ممثلي الأحزاب عقدوا اجتماع مع أمريكان خلال الاسابيع الماضية، بشأن قضية الإنتخابات.

بدوره سخر خالد يوسف من حديث بشرى، قائلاً: “حالة الهستريا دي لأنوا انا دخلت في عقلك، وهزيت مسلماتك وثوابتك الغير صحيحة”.

إنفضت المناظرة دون “فوز أو خسارة” أي فريق بالرغم من حديث البعض بأن الغلبة كانت لتيار المشاركة، لكن النقاش حول المناظرة مازال محتدم في صفحات الناشطين والفاعلين السياسيين في مواقع التواصل الاجتماعي.

التعليقات مغلقة.

error: