:: يوم أمس، في تقاطع شارع السيد عبد الرحمن مع شارع عبد المنعم بالخرطوم، فرحاً بقرار إقالة المطيع محمد أحمد مدير الإدارة العامة للحج والعمرة، ذبح بعض أصحاب وكالات السفر والسياحة (ثوراً).. وهذا ما يجب أن يحدث عند كل (إقالة)، إذ ليس فيهم من يستحق البكاء، ومن المؤسف أن البعض يصنع للبُسطاء من إقالة الفاشلين والمفسدين قباب المراثي والتباكي، ليطوفوا حولها بلا وعي .. المهم، جاء شمس العلا التهامي خلفاً للمطيع، وليته يبدأ الإصلاح المرتجى بمكافحة المحسوبية المسماة (حج المؤسسات)..!!
:: وفي الذاكرة، قبل أشهر، وبواقع (135 صوتاً) أجاز نواب البرلمان مقترح إلغاء حج المؤسسات، مع مقابل (84 صوتاً) انحاز لصالح هذه المحسوبية. ويبدو أن إدارة المطيع لم تطع البرلمان، وكادت تخالفه.. إلغاء حج المؤسسات أفضل قرار اتخذه البرلمان.. حج المؤسسات مخصص لبعض العاملين في الخدمة العامة بنهج (الخيار والفقوس).. وظلت الصحف تطالب منذ عقود بإلغاء هذا النهج المعوَج حتى يتساوى الجميع أمام قانون ولوائح وتكاليف وفرص الحج.. فليبدأ التهامي بتنفيذ قرار البرلمان..!!
:: ومع إلغاء حج المؤسسات، على التهامي وضْع خطة تخرج الحكومة سريعاً من إجراءات تنظيم الحج والعمرة نهائياً.. خروج الحكومة من الحج والعمرة من المطالب المهمة جداً.. ولو كانت السلطات الحكومية المسؤولة عن الحج – وهي وزارة الإرشاد والهيئة العامة والقطاعات الولائية – تتقن تنظيم الحج، لما طالبناها بالخروج.. لماليزيا التي يزورها ولاة أمورنا سواحاً تجربة فريدة في تنظيم الحج، ولكن للأسف السادة الزوار لا ينقلون من ماليزيا تجاربها الناجحة، وكأن قدرنا معهم أن يكتفوا من الزيارة بنقل الأثاثات..!!
:: ماليزياً تُفوِّج ما يقارب عدد حجاج السودان (30.000 حاج)، بمنتهى الهدوء.. ثم بدقة حدها أن المواطن الماليزي لا يعلم بخبر اختياره لأداء مناسك الحج إلا قبل ثلاثة أسابيع فقط من موعد إقلاع طائرته.. إذ هناك قوائم بطرف السلطات، والسلطات هي التي تختار من – تلك القائمة – حجاجها وفق معايير (لا تظلم مواطناً).. وسواسية هناك الفقير والغني في الاستطاعة، فالتكافل – عبر صندوق توفير الحج – هو الوسيلة التي تجعل كل فرد بالشعب الماليزي (مستطيعاً).. تفوجهم السلطات زُمراً ثم تعيدهم زُمراً، ويكونون قد أدوا المناسك بلا توهان أو ضياع أو (سب ولعن)..!!
:: وكل دول العالم، تبتكر من الوسائل والنظم ما تيسر بها شعيرة الحج لأفراد شعبها.. فالدول تمضي بعقول أجهزتها ونزاهة سلطاتها نحو عوالم أضحت تدير كل أمور شعوبها – بما فيها الحج – بسلاسة ومصداقية، بيد أن عقول أجهزتنا لا تزال تعمل بنهج (اللت والعجن).. ثم أن الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، وليس من العدل أن تدعم الحكومة تكاليف حج المقتدرين على حساب (الفقراء والمساكين)، أي يجب ألا تكون التكاليف بسعر الصرف المركزي أو كما يحدث دائماً..!!
:: نعم، يجب عدم دعم تكاليف الحج والعمرة، ومن التنطع أن ترفع الحكومة الدعم عن أدوية اليتامى ورغيف الأرامل ثم تدعم حج القادرين على شراء الريال من السوق الموازي.. ثم إن الحكومة لم تحل الهيئة العامة للحج، أو كما أوهمت الناس والصحف، بل حولتها إلى الوزارة بذات السلطات التي تنتهك حقوق (الولايات والوكالات).. وخروج الحكومة من إجراءات الحج والعمرة يعني تقزيم سلطات الإدارة العامة بحيث تكتفي بدورها الإشرافي والتنسيقي والرقابي فقط لا غير، ولا تزاحم الولايات والوكالات في (الأدوار التنفيذية).. فهل يبادر التهامي بالإصلاح المرتجى، أم سوف يتحول إلى (مطيع آخر).. ؟؟
التعليقات مغلقة.