باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

لينا يعقوب: عِفة الخطيب

1٬428

عادةً ما تُحركني الدوافع الصحفية في استنطاق البعض، لكن في هذه المرة كانت إنسانية أيضاً!
من يقترب قليلاً من محمد مختار الخطيب، يثق أنه نقي السريرة، عفيف اليد واللسان، متواضعٌ رفيع الأخلاق، وما قيل فيه عارٍ عن الصحة.
بإمكاننا أن ننتقد شخصه السياسي، لكن من الصعب فعل في ذلك مع الخطيب الإنسان.
ونحن مجموعة في (الواتساب) نتحدث حول “قطعة الأرض” أو “المنزل” الذي قيل إنه مُنح لسكرتير عام الحزب الشيوعي، كتب الأخ الزميل عمر عشاري “لا أتفق مع الخطيب مطلقاً، لكن أتريدون تجريده من أنقى ما يملك؟”.
كنت من أوائل الذي أجروا معه حواراً بعد أن تقلد هذا المنصب خلفاً للراحل محمد إبراهيم نقد عليه الرحمة.
مكتبه، السيارة التي تقله، بساطته، أي شيء، يوحي لك، بأن هذا الرجل، هو هكذا صادق طبيعي دون تكلف.
اتصلت يوماً بمحمد الخطيب “الفنان”، ظانة أنه الخطيب السياسي.. حدد لي موعداً للحوار، وصلت إلى باب الحزب الشيوعي فطلبت الدخول، منعني موظف الاستقبال لأن ليس لي موعد مسبق معه، عاودت الاتصال عليه أمامه، أعطيته الهاتف.. تحدث الموظف مع الخطيب الفنان، ودخل بهاتفي إلى مكتب الخطيب السياسي.
جاءني الموظف وهو يعطيني الهاتف مبتسماً، أن هذا ليس هو سكرتير الحزب الشيوعي.
وافق الخطيب على لقائي مباشرةً، قال لي ضاحكاً: “طيب ما تعملي حوار مع الخطيب الفنان المشكلة شنو؟”.
أذكر أني خرجت حينها بحوار “ساخن وجميل”.
وهكذا كان التواصل معه موجوداً على قلَّته..
قبل أيام أجريت معه حواراً مطولاً عبر الهاتف، حول ما أثير عن تملكه قطعة أرض بإعفاءات.. حفظت عباراته عن ظهر قلب.. لكن بعد ساعات، جلست لأكتب ما قال، فوجدت أن الهاتف لم يُسجل سوى أسئلتي.

يا للهول.. ماذا أفعل؟ اتصلت به كثيراً وهاتفه مغلق، قررت أن أكتب ما دونته في الذاكرة وعبر قصاصات.. ألغيت بعض الأسئلة التي لم أستحضر إجاباته فيها على وجه الدقة، نشرت حواراً قصيراً لم يتعدَّ 400 كلمة، لكنه كان دقيقاً.
تأثر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د.عبد الرحمن الخضر، بعبارات الخطيب، وأبدى استياءه مما كُتب، وقال إنه سيتحرى من معلوماته وها قد فعل. توقعت أن تكون نهاية قصة “منزل” الخطيب التي كتبها أحد الصحفيين إلى “الأرشيف” كما يحدث في اتهامات السياسيين، غير أن الخضر أرسل اعتذاراً شجاعاً، ربما يكون الأول من نوعه، من منسوبي المؤتمر الوطني.
الكاتبان لم يتوانيا عن الاعتذار، وقد فعلا ذلك أيضاً بكل شجاعة.
كان الخطيب السياسي والمزارع مظلوماً، لكنه انتصر، وليس بمحكمة أو قضاء، إنما بكلمات بسيطة كانت كفيلة بإثبات الحق ورفع الحرج عن القائل.

التعليقات مغلقة.

error: