:: يوم رفعت أمريكا حظرها الاقتصادي، شرع البعض يتوهم بأن هذا الرفع بمثابة (ليلة القدر)، فكتبت موضحاً بأن التفسير السليم لرفع الحظر هو أن هذا الرفع جزء من الكل المطلوب لتحسين الاقتصاد، وليس كل المطلوب، أو كما يتوهم البعض ويخدع الناس.. نعم، لقد تأثرت البلاد وشعبها بالعقوبات الأمريكية، ولكن تأثر البلاد وشعبها بعوامل داخلية كان – ولا يزال وسيظل – هو (الأكبر).. فالسياسات الداخلية المختلة أخطر – على الأوطان – من كل العقوبات والمؤامرات الخارجية..!!
:: ولا يخطئ من يصف سياسات وزارة المالية وبنك السودان بالمختلة.. وعلى سبيل المثال، بزاوية الاثنين الفائت، تعليقاً على التلكؤ في تخليص المنتجات ومدخلات الإنتاج المستوردة، كتبت: (كما لا تُشجع الشعب على الإنتاج والتصدير، فإن سياسات الركابي وحازم لا تدع الشعب يأكل من خشاش الاستيراد، وأن هناك منتجات حيوية تنتجها المصانع بالطلبات.. وقد طلبتها الشركات السودانية من المصانع قبل أشهر بعد أن دفعت قيمتها، ولكن عجزت الشركات عن استيرادها بسبب تلكؤ بنك السودان..
:: ثم الأدهى والأمر، في مخازن المنطقة الحرة – بالخرطوم – منتجات ومدخلات إنتاج تم استيرادها قبل قرار بنك السودان الخاص بالمستوردين، ولكن أصبح مستحيلاً تخليص هذه المنتجات والمدخلات بسبب تلكؤ بنك السودان.. والتلكؤ هنا بمعنى الرفض غير المُعلن.. فالبنوك التجارية تسلم طلبات المستوردين لبنك السودان، ويستلمها بنك السودان ثم (يطنش).. ولو كان السادة ببنك السودان يعرفون قيم العدل وقوانين التجارة وعلوم الاقتصاد، لما مارسوا نهج التسويف – والطناش – في طلبات تخليص سلع وبضائع تم استيرادها وتخزينها في مخازن المناطق الحرة قبل هذا القرار بأشهر وأسابيع)..!!
:: والحمد لله.. فالسادة بالمالية وبنك السودان استجابوا لصوت العقل يوم الاثنين ذاته، ولكن بنهج (الكجم).. إذ يُحكى أن أحدهم سرق دجاجة جاره في عهد الحكم الثنائي وسطوة الإدارة الأهلية، فاجتمع نظار المنطقة وعمدها لمحاكمته، وكان منبوذاً بالفطرة والميلاد، أي قبل أن يسرق الدجاجة.. ولذلك حكموا عليه بالسجن والجلد والغرامة، فسألهم مستغرباً: (تلاتة عقوبات في سرقة دجاجة؟، دا قانون إنجليزي ولا مصري؟)، فصاح فيه رئيس المحكمة: (إنجليزي شنو وفرنسي شنو، نحن كجمناك كَجِم)، ثم أصبح هذا النوع من الأحكام التي لا تتكئ على القوانين (نهجاً)..!!
:: ويبدو أن سياسات وزارة المالية تنتهج (نهج الكجم)، بديل ما يلي نصاً: (نشرة عامة/ الإجراءات المصرفية.. موافقة السيد وزير المالية بخصوص تسوية البضائع التي وصلت إلى الموانئ حتى 16 أبريل 2018.. وعليه، سوف تتم تكملة إجراءاتها الجمركية بتسويات كالآتي: مدخلات الإنتاج والمواد الخام وواردات الاستثمار والحكومة تتم تكملة إجراءاتها (5%).. والواردات التجارية تتم تكملة إجراءاتها بتسويات تتراوح ما بين (5%) و(20%)، حسب قيمة الواردات)، هكذا النشرة الصادرة عن هيئة الجمارك، بأمر وزارة المالية والبنك المركزي..!!
:: والتسويات بتلك النسب – والتي سوف تساهم في الغلاء – هي غرامات لا تتكئ على أي قانون غير (قانون القلع).. مستثمرين وتجار استوردوا مدخلات الإنتاج والبضائع – قبل قرار بنك السودان الخاص بالاستيراد – من حُر مالهم، وقبل تخليصها – من الموانئ والمناطق الحرة- أصدر بنك السودان قراراً خاصَّاً بإجراءات الاستيراد.. فهل من العدل أو العقل أن تعاقب وزارة المالية المستثمرين والمستوردين – والمواطن – بهذه الغرامات وكأنهم كانوا على علم بقرار بنك السودان الخاص (قبل أن يصدر)..؟؟
التعليقات مغلقة.