كتب أستاذنا القدير، رئيس تحرير الزميلة (السوداني)، ضياء الدين بلال، مقالاً رائعاً في الأيام القليلة الماضية تحت عنوان (لماذا تصمتون)، انتقد فيه صمت الجهاز الاقتصادي حول الأزمات الاقتصادية المتعاقبة من شح السيولة وأزمة الدواء وأخيرا أزمة الوقود التي ضربت العاصمة والولايات وكل هذه الأزمات قابلها وزراؤها المختصون بالصمت الرهيب ولم يتكرموا بتوفير إجابة واحدة حول هذه الأزمات، إلى أن رضينا نحن كصحفيين بهذا الصمت وانتظرنا أن يشعر أهل الاختصاص بأن الصمت في مثل هذه الأزمات جريمة لا يعاقب عليها القانون ولكن تتعقبها دعوات غاضبة من أفواه الملايين من أبناء الشعب الذين وضعوا ثقتهم في حكومة لم تضعهم في أولوياتها.
وسط هذا الصمت المطبق يخرج علينا وزير المالية، محمد عثمان الركابي بتصريح من تونس خص به وكالة رويتروز حول (عزم الحكومة لبيع صكوك دولية بقيمة مليار دولار للمرة الأولى وأن هذا سيتم في نهاية العام الحالي لتمويل موازنة العام 2019)، إنتهى التصريح المقتضب حتى هنا دون تفاصيل، لن نسكب مدادا كثيرا حول أن وزير المالية الذي لم ينعم الله عليه بأن يخرج للإعلام المحلي شارحا أسباب الأزمات المتعاقبة التي حلت على الاقتصاد القومي منذ أن أنذرت موازنة العام الجاري بالبدء والتي تشهد ارتفاعا غير مسبوق في أسعار السلع الضرورية حتى تلك التي قالوا إنها معفاة من الرسوم الجمركية لتلافي ارتفاع قيمة الدولار الجمركي الذي تضاعف إلى ثلاث مرات من قيمته السابقه فضلاً عن شح وندرة في عدد من السلع وإرهاصات تنبئ بأن هذه الأزمات مفتعلة، كل هذا لم يجعل وزير المالية يحدث نفسه بضرورة الخروج إلى الرأي العام لتوضيح الصورة أو بث التطمينات في نفوس المواطنين، لكنه يمكن أن يخرج ليقول في وكالة دولية إن بلاده تعتزم إصدار صكوك دولية بقيمة مليار دولار.
الحديث عن إصدار صكوك لتمويل موازنة العام المقبل يعد صدمة للرأي العام فهذا يعني أن حالة التقشف وضنك العيش الذي يعيشه المواطن السوداني سيستمر حتى العام المقبل بعد أن منى نفسه بأن يكون هذا العام عاما لتأسيس قاعدة إنتاجية تقودها الزراعة والصناعة بعد أن أكدت الجهات الاقتصادية بذل ما في وسعها للنهوض بالقطاع الإنتاجي بحيث تعتمد الدولة عليه في زيادة صادراتها وتقليل وارداتها ليكون العام القادم عاما يبدأ الناس فيه بحصاد ما زرعوه خلال العام الجاري من جد واجتهاد وتقشف ومعاناة في العيش ولكن أن يكون الحديث عن إصدار صكوك بمليار دولار وأن يأتي التصريح في ظل أوضاع اقتصادية مأزومة يجعلنا نقول لأستاذنا العزيز ضياء (ليتهم يصمتون).
التعليقات مغلقة.