الذين إجتازوا الجامعات السودانية نهاية عقد السبعينيات و مطالع عقد الثمانينيات من القرن المنصرم .. وجدوا أن الإتجاه الإسلامى يسيطر على مفاصل النشاط الطلابى ويطلق هيمنته الكاملة حتى على بعض إدارات تلك الجامعات .. مسنودا بالطبع بالسلطة المايوية عبر ما عرفت بالمصالحة الوطنية .. سيما وأن تنظيمات الإتحاد الإشتراكى الكرتونية كانت قد تهاوت .. عليه فإن الذين كانوا يناهضون النظام المايوى نظريا .. كانت معركتهم الحقيقية فى الجامعات .. مع جماعة الإتجاه الإسلامى .. وفى تلك الفترة تحديدا كانت حالة من الوعى والتنظيم الدقيق تغشى التنظيمات السياسية الأخرى .. وعلى رأسها مؤتمر الطلاب المستقلين .. تنظيم الريادة فى ذلك الوقت .. فكان أن تشكلت تحالفات عدة تمكنت من إنتزاع السلطة الطلابية من الإسلاميين فى اكثر من موقع .. وحين غادر ذلك الجيل مقاعد الطلب .. كما يقول الإسلاميين .. بعد صراعات مريرة ودماء غزيرة .. كانت مخيلتهم تحمل عدوا واحدا .. هو الإتجاه الإسلامى ورمزه وقيادته الملهمة آنذاك ولسنوات طويلة .. الراحل المقيم الدكتور حسن عبدالله الترابى رحمه الله .. فقد كان القياس واحدا .. القرب أو البعد من النظام ..!
وبذات الوعى .. ولكن فى مسار مختلف تماما .. كان ذلك الجيل ينظر بتقدير كبير لمجموعة الإخوان المسلمين .. بقيادة رموزه الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد والدكتور الحبر يوسف نور الدائم .. التى ظلت بمنأى عن النظام .. أى أن الترويج بأن معاداة الإسلاميين معاداة للإسلام لم تكن صحيحة قط .. بهذه الخلفية .. شهد ميدان الأهلية بأمدرمان عقب سقوط النظام المايوى .. ونجاح إنتفاضة مارس ابريل 1985 .. حشدا خرافيا من الجماهير .. التى هبت لندوة سياسية كبرى دعت لها جماعة الإخوان المسلمين .. كان المعلن عنها أنها تهدف لكشف أخطاء وتجاوزات جماعة الترابى .. وكذلك كشف اسباب الخلاف بين جناحى التنظيم الإسلامى .. فتدافع الناس زرافات ووحدانا الى ميدان الأهلية فى تلك الأمسية .. كيف لا وأحد المتحدثين الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد .. صاحب الموقف التاريخى الذى لم تلن له قناة .. ولم يوهن ولم يتراجع .. وكل يمنى نفسه بليلة إهالة التراب على تنظيم الترابى ..!
كانت المفاجأة الصاعقة أن ندوة الإخوان المسلمين .. وبكل حشدها ذاك .. قد بدأت وإنتهت دون أن ينبس أحد المتحدثين ببنت شفة .. ولا يتعرض أحد لأحد بسوء .. كنت هناك .. وأنا أغادر الميدان الشهير .. كنت أتساءل .. هل دخل الشيخ فى صفقة اللحظة الأخيرة ..؟ أم هل خضع لتهديد مباغت ..؟ فأين كل ما نسمع عن صموده وعزمه وثباته ..؟ فقررت العودة الى حيث المنصة .. أدركتها بصعوبة .. شاقا صفوف الغاضبين والمتذمرين .. لم أصدق نفسى وأنا أقف أمام الشيخ صادق .. مددت يدى مصافحا ومعرفا نفسى .. ثم قلت له مباشرة حتى لا تفلت منى اللحظة .. خذلتونا يا شيخنا كنا جايين نسمع الفضائح ..؟! ورغم الوهن البادى على وجهه وجسده .. إلا أنه ضغط على يدى كما لم يفعل أحد من قبل .. كأنه بات أحرص علىّ منى عليه .. وسألنى مجددا وبصوته الخفيض .. قلت لى إنت منو ..؟ قلت له إسمى وصفتى والجهة التى اعمل بها .. فقال لى .. دا كلام ليك إنت .. يا إبنى مايو دى ما مشت بالساهل .. والأكبر من التضحيات الفتن الدخلت فيها البلد .. ثم سألنى .. تفتكر البلد دى حمل فتن جديدة ..؟ قلت له طبعا لا لكن .. لم يتركنى اكمل الإستدراك بل مضى يقول لى .. نحن عارفين الناس ما راضين .. لكن نحن اصلا ما كنا راضين بالطلع عن الندوة .. دا كان إجتهاد من بعض إخوانا .. ونحن كان رأينا إنه الحنكسبوا الليلة البلد ممكن تدفع تمنه عشرات السنين تانى .. ثم ودعنى بقوله .. اكتبوا خيرا وحماسكم دا خلوه للبناء ما للهدم .. غادرته وأنا أردد .. من أى زمن هذا الرجل .. و لكن ذهنى فى تلك اللحظة كان يشكل صورة .. قائد تنازل عن نصر آنى سهل و خاص .. فى سبيل كسب عام آجل .. رحم الله الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد .. بقدرما اعطى .. وبقدر ما كان يتمنى من خير لهذه الأمة ..!

عاجل
- الجيش السوداني يبسط سيطرته على نقطة المويلح الحدودية
- عاجل..الدفاعات الجوية تسقط مسيّرات أطلقتها المليشيا المتمردة باتجاه بورتسودان
- الإمارات تدعو الحكومة السودانية إلى تهدئة الأوضاع والتفاوض لإنهاء الحرب
- استئناف الرحلات الجوية بمطار بورتسودان الدولي
- السودان..أنباء عن استهداف مطار بورتسودان
- انفجار قوي يهز نيالا
- السودان.. الجيش يؤمن منطقة جديدة
- الجيش يستعيد مجمع الصفوة غرب أمدرمان
- السودان..مسيرات تستهدف عطبرة
- عاجل.. البرهان يعود من السعودية
التعليقات مغلقة.