باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

د/ عادل عبد العزيز : هل نحتاج لامتحان الشهادة السودانية؟

1٬094

قررت وزارة التربية والتعليم إعادة إمتحان الكيمياء بسبب كشف الامتحان الذي جلس له قبل يومين حوالي 250 ألف طالب هم طلاب القسم العلمي. القرار شجاع غير أن تكلفته عالية جداً على مستوى المظهر العام للدولة، وعلى مستوى التكلفة المادية.
إمتحانات الشهادة السودانية تكلف الحكومة رهقاً مالياً وإدارياً مبالغاً فيه، حيث يعمل الآلاف من المعلمين والاداريين والفنيين وضباط وأفراد القوات النظامية في إعداد الامتحانات، ومراجعتها، واعتمادها، وطباعتها، وتأمينها، وشحنها وتوزيعها، ومراقبة الجالسين لها، والكنترول عليها. ومن بعد: تصحيحها، واعتماد نتيجتها واعلانها. سلسلة طويلة وهائلة من الإجراءات يوفر لها الكادر البشري والمعينات من أوراق وأحبار وطابعات وظروف وشمع أحمر وسيارات وشاحنات وقطارات وطائرات. وتجند لها الوزارات والولايات والمحليات والسفارات.
كل هذه الجهود والمصاريف والعنت كانت مفهومة ومعقولة في أوقات مضت. فقد بدأت عمليات الامتحانات هذه في العام 1937 من القرن الماضي عندما رأى بعض المسئولين الانجليز وضع خطة لتطوير كلية غردون التذكارية بما يمكن طلابها من الجلوس لامتحان شهادة كامبردج . استمر هذا النوع من الامتحانات حتى العام 1954.
خلال الفترة من ديسمبر 1954 وحتى العام 1962 كانت السياسة أن تكون مسئولية الامتحان مشتركة بين جامعة كمبردج ومجلس امتحانات السودان . وبعد العام 1962 استبدل مجلس امتحانات السودان بلجنة امتحانات السودان، وكونت لها سكرتارية خاصة ،وصدر قانون اللجنة في نفس العام وأصبحت كل مهام وأعمال الامتحان تتم في السودان ما عدا طباعة الأسئلة ، والتي كانت تتم في اكسفورد.
واعتباراً من العام 1972م أعيدت مهام الامتحانات كافة بما فيها طباعتها للجنة امتحانات السودان . ومن ذلك الحين وعلى مدى 46 عاماً ظلت امتحانات الشهادة السودانية تدار بنفس الطريقة والنمط.
مركزية الامتحانات على هذا النحو كانت مفهومة خلال فترات سابقة عندما كانت الجامعات ثلاثة فقط الخرطوم والجزيرة وجامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكانت المدارس الثانوية نفسها محدودة ويتم القبول لها على أساس قومي. وعلى هذا كان من الضروري تنظيم امتحان قومي مركزي يتيح لعدد محدود جداً من الطلاب الانتقال للدراسة في الجامعات القليلة.
بالطبع لا يقارن عدد الجامعات والمدارس الثانوية اليوم بما كان قبل عشرين عاماً على الاطلاق. هذا من ناحية الكم والعدد، أما من ناحية المحتوى والموضوع فإن انتقالاً هائلاً تم في مفاهيم الامتحانات، واختبارات القدرات على مستوى العالم. لم تعد الإجابات على ورقة مرة واحدة في السنة هي المعيار لقياس ذكاء وقدرة الطالب على الاستيعاب، انتقلت مجموعة كبيرة من دول العالم لاختبارات القدرات، ولمجمل الأداء الاكاديمي في المدرسة الثانوية، وللاختبارات التي تجريها الجامعات حسب تخصصاتها.
ندعو الحكومة لالغاء تنظيم الامتحان القومي، والاستعاضة عنه بإمتحانات على مستوى الولايات، ثم اختبارات تجريها كل جامعة على حدة للراغبين الدراسة فيها. والله الموفق.

التعليقات مغلقة.

error: