حين حادثتني شقيقتي بأن ابن الخالة قريب الله الرشيد في طريقه هذا الصباح إلى مستشفى ام درمان ،وانا غارق في انشغالاتي حسبت أن الأمر في الاتجاه الصحيح ،فالمستشفيات هي الوجهة الطبيعية للمرضى ..ومستشفى ام درمان من أعرقها في بلادنا.
مرت ساعات طوال قبل أن نتمكن أخي عثمان وانا من زيارة أخينا المريض ..فقد وصل المستشفي في الثانية ظهرا ؛ولم نصل قبل الثامنة مساء.
أخيلتنا المتفائلة صورت لنا ان الأمور تسير على ما يرام قبل ان نفيق على صدمة عنيفة ،هذا المريض لم يتلق علاجاً لأكثر من ست ساعات بالرغم من حالته شديدة الحرج..حالة بأى معيار لا تحتمل إهمال الدقائق غض النظر عن الساعات الطوال.
حين ولجنا إلى عنبر الحوادث بمستشفى أم درمان بحثا عن مريضنا بين ركام نقالات المرضى وانات المصابين ،وصراخ الموجوعين؛وجدناه على ناقلته يتلوى من الألم في وهن.
العنبر يموج بالمرضى ومرافقيهم ،تلفحهم الروائح الكريهة..في فوضى لا تعرف لها قرارا. وطبيبات وأطباء شباب يحاولون (فعل شيئ)يسيطر على بعض الحالات ولكن يبدو الهدف بعيد المنال.
سألنا عن منْ مِن الاطباء باشَرَ التعامل مع مريضنا.،رمى لنا احدهم باسم إحدى الطبيبات ووعدنا بحضورها في دقائق ،ولما انتظرنا أكثر من ساعة كل دقيقة فيها تزيد الوضع كآبة وبؤساً أُبدلت الطبيبة المنتظرة بأخرى قيل لنا ستكون مع المريض في غضون عشر دقائق ، ولكن الوعد بها التحق بسابقه. وأصبح خيارنا بل قرارنا ان نسارع بالخروج من المستشفى قبل خروج روح مريضنا الى دار البقاء.
ولهذا اصبحت الخدمة الوحيدة التي نرجوها من مستشفى ام درمان هي تحويلنا إلى مستشفى (النّو) بمدينة الثورة بام درمان ،وقد حقق المدير الطبي الشاب الامنية مشكورا بالطلب الى احد الاطباء الشباب تحرير أمر التحويل .
سابقنا الرياح نحو مستشفى ( النّو )وفيه تم استقبالنا بسرعة فائقة في قسم الحوادث..وسرعان ما التف حول المريض عدد من الاطباء يفحصونه ويقلبون ملفه ونتائج فحوصاته قديمها وحديثها. وعاجلا نقلوه إلى العناية الوسيطة وتسارعت خطاهم في محاولة لإسعاف حالته التي تتدهور بتسارع..حزمة من الأدوية وفّرت جلها صيدلية المستشفى مجانا،بعد تشاور بالهاتف بين من يباشر حالته من مجموعة الاطباء واخصائي الباطنية الذي سرعان ما التحق بالفريق الطبي.
احد مرافقي مريضنا سألني عن مَنْ مالك مستشفى (النّو) فقد ظنّه خاصاً لما وجد فيه من اهتمام افتقده في مستشفى ام درمان واستغرب في إجابتي بأن النّو حكومي كما ام درمان؛ فقد اتسعت في ذهنه المفارقة في المظهر والجوهر بين المؤسستين الحكوميتين.و حين طلب مني تفسيرا لما استعصى عليه فهمه ،لم اجد غير انها الادارة ممزوجة بالإرادة في النّو ما افتقده مستشفي ام درمان على افتراض قوة مقومات الاخير بما له من عراقة في التاريخ، وتراكم الخبرات ،وسعة الإمكانات.
لا اريد ان أحمل على طبيبات وأطباء ام درمان في مواجهة شكر مستحق لزملائهم في مستشفى النو فهم يكابدون فوق طاقتهم للوفاء ببعض الواجب ولكن ربما اقعدهم اليأس من الإصلاح الى حالة من التعايش مع البؤس المقيم دون ارادة تحريكه ..ما أمرّ واقسى عجز القادرين على التمام.!!
نُسب الى جون كيري وزير الخارجية الامريكية الأسبق قوله(هناك نوعان من الأشياء التي يمكن رؤيتها من الفضاء ،جبال الهملايا وعجز جورج بوش )وهناك نوعان من الأشياء يمكن استبانتها في ام درمان عجز مستشفى ام درمان ونجاح (النّو).فما للنّو لو أهدى الى رصيفه بعض قواعد النجاح.
عاجل
- عاجل..المضادات الأرضية للجيش في عطبرة تتصدى لمسيرات
- عاجل.. الجيش يعلن طرد ميليشيا الدعم السريع من مصفاة الجيلي
- عاجل..التحام جيش أمدرمان والكدرو بسلاح الإشارة في مدينة بحري
- البرهان يتفقد الخطوط الأمامية بمدينة الجيلي
- عاجل.. سيطرة على مواقع جديدة في الخرطوم بحري
- عاجل.. المريخ ينهي تعاقده مع اللاعب جاستون بالتراضي
- “حوار”مدرب الهلال السوداني: لا زلنا غير مرشحين للتأهل
- عاجل..الجيش يتصدى لسرب مسيرات انتحارية في النيل الأبيض
- عاجل.. الجيش السوداني يسيطر على قاعدة الزرق بولاية شمال دارفور
- أحمد الشرع: نعيش اللحظات الأخيرة للسيطرة على حمص
التعليقات مغلقة.