باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

الصادق الرزيقي: لطمة فلبينية للمحكمة الجنائية الدولية

أما قبل

966

من الفلبين هذه المرة ، ليس من أفريقيا وحدها ، بدأت دول العالم من غير الغربيين ، يفهمون ويدركون مؤامرة الرجل الابيض عليهم وتآمر الأوروبين ضدهم ، فقد أعلنت الفلبين علي لسان رئيسها ( رودوريجو دوتيرتي) إنسحابها من المحكمة الجنائية الدولية ، و منذ السابع عشر من الشهر الجاري بدأت الفلبين إجراءات إنسحابها ودعا الرئيس الفلبيني كل دول العالم المصادقة و الموقعة علي نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية إلي الإنسحاب منها وكانت هذه الدولة الاسيوية تعد من أكبر حلفاء المحكمة قبل ان يحدث هذا الطلاق البائن ، وقال الرئيس دويتيرتي : ــــ
” قانون روما هراء ، و سأقنع جميع الموقعين على المعاهدة بالإنسحاب… هذه وثيقة… تم إعدادها برعاية الإتحاد الأوروبي…..”.
جاء في الاخبار أن مانيلا نقلت الي الأمين العام للأمم المتحدة قرار إنسحابها من معاهدة المحكمة بشكل نهائي ، وعللت ذلك بما اسمته هجمة المحكمة الجنائية الدولية الشائنة عليها وتدخلها في شؤونها وسيادتها وانتهاك قوانينها ، وكل ذلك علي خلفية الحرب الضروس التي يقودها الرئيس الفلبيني ضد عصابات تجارة المخدرات والتي قتل فيها ما يقارب التسعة عشر ألفاً من تجار المخدرات والمتعاونين معهم والمتعاملين في هذه التجارة التي تدر ارباحا باهظة بلغت عدة مليارات من الدولارات في العام 2017 بالفلبين وما جاورها ، وتدعي المحكمة الجنائية الدولية ان حرب الفلبين علي المخدرات وقعت فيه تجاوزات وجرائم حرب وتقوم بتحقيقات وتحريات .
وتكاد تتطابق اللغة واللهجة الحادة التي يتحدث بها الرئيس الفلبيني ومنطلقاته في تناول موقف بلاده من هذه المحكمة، مع اللغة التي نتحدث بها نحن هنا في السودان وفي الفضاء الافريقي حولنا ، فالمشترك ان المحكمة هي صنيعة اوروبية لاخضاع و إبتزاز البلدان الاخري وقهرها ، وهنا لابد من الاشارة الي الفلبين اتهمت نافذين في الامم المتحدة بالتواطوء مع الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لاظهار ان حرب المخدرات التي تقودها مانيلا هي انتهاك لحقوق الانسان وترتقي الي جرائم الحرب .
والغريب ان تجارة المخدرات في العالم التي تعاني منها الدول الغربية مثل الولايات المتحدة الامريكية ، تم فيها خوض حروب ضخمة خاصة من الجانب الأمريكي مثل الحرب في كولمبيا ضد كارتيل المخدرات حتي تم تحطيم اسطورة هذه التجارة وزعيم كارتل ميديلين (إميلو بابلو اسكوبار جافيرا ) الذي قتل بنيران مطارديه من الفرق الحكومية في الثاني من ديسمبر 1993م ، وتظل حروب الولايات المتحدة ضد تجارة المخدرات هي اعنف الحروب السرية والعلنية والقذرة في العالم ، ومنها عملية اختطاف رئيس بنما السابق (أمانويل نورييغا) وهو في قمة السلطة في الثالث من يناير 1990م واقتياده مخفوراً وإيداعه السجن ومحاكمته في الولايات المتحدة الأمريكية بتهم تجارة المخدرات والابتزاز و تبييض الاموال ، و مات عام 2010 بعد انقضاء فترة سجنه في فرنسا التي تسلمته من واشنطون لتنفيذ عقوبة سجن حكمت عليه بها غيابياً محكمة فرنسية .
لعل هذا الاستطراد مرده الي ان جريمة تجارة المخدرات التي تعد في الغرب عند الامريكيين والاوروبيين جريمة نكراء تجرد فيها الجيوش للحرب ، غير مسموح لدول العالم الاخري بملاحقة مرتكبي هذه الجريمة وقتلهم ، لان الغرب يعتمد علي نشر المخدرات في الدول الاخري كما حدث في حرب الافيون الاولي والثانية ضد الصين في القرن التاسع عشر ، وتعد ملاحقة ومطاردة تجارة المخدرات الآن جريمة في نظر الغرب تستخدم فيها المحكمة الجنائية ضدها لوقفها وهناك تحالف دولي ومافيات وعصابات عابرة للقارات تقف وراء قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الفلبين .
اذا كانت دولة مثل الفلبين بكل شجاعة قررت الانسحاب من هذه المحكمة ووصفتها بكل هذه الاوصاف ، فإن القادة الافارقة الذين قرروا من قبل الانسحاب ولم يتم تنفيذ القرار بشكل كامل ، سيجدوا في الخطوة الفلبينية تشجيعاً لهم خاصة ان متهمي المحكمة بنسبة 99% هم من القارة السمراء .. ولكم ايها القادة الافارقة والدول العربية المصادقة علي معاهدة روما ، في الفلبين أسوة حسنة ونموذج فريد .
لم يبق للمحكمة من صديق ، هاهي الاتهامات تحاصرها من كل مكان والشكوك وتهم الفساد والمؤامرات تلاحقها اينما حلت وذهبت ، وكما قال الرئيس الفلبيني فإن انسحاب مانيلا منها بمثابة المسمار الاخير في نعش المحكمة الظالمة .

التعليقات مغلقة.

error: