باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

محمد لطيف: منان .. القرار الصائب فى الوقت المناسب !

تحليل سياسى

925

لا زلت أذكر زيارتى الأخيرة لجوبا حاضرة جنوب السودان اكتوبر الماضى .. والسيد تعبان دينق النائب الأول للرئيس هناك .. يحدثنا مجموعة الصحفيين السودانيين فى مكتبه .. يحدثنا كيف أن وزير التعليم فى تنزانيا عرض عليه عرضا يسيل له اللعاب .. عرض عليه فقط أن توافق حكومته على إعتماد اللغة السواحيلية فى مناهج جنوب السودان الدراسية .. ثم يترك لتنزانيا كل شىء .. فهى ستوفر الكتب الدراسية والمعلمين وكل مطلوبات المنهج .. كل ذلك على نفقة تنزانيا .. دون أن تكلف خزينة الجنوب جنيها واحدا .. ولكن تعبان دينق وغيره كثيرون من أبناء بلاده .. تتطلع أعينهم شمالا .. حيث ولد جلهم .. ونشأ بعضهم .. وتعلم كلهم ..ولكنهم ايضا .. يرتد البصر اليهم حسيرا .. بل ومندهشا .. لماذا ترفضون ذلك .. يسألنا تعبان .. لماذا ترفضون حرصنا على تعلم اللغة العربية .. ثم ترفضون تمسكنا بالمنهج السودانى ..؟!
تذكرت ذلك الموقف .. وأنا أردد فى سرى .. هاهو ذا يا تعبان رجل من بين ظهرانينا .. وطنى يعلى من شأن مصالح وطنه العليا .. قائد يأخذ القيادة بحقها .. فلا يتنازل عن شبر وضعت فيه قواته أقدامها .. مهما الزمن .. فيستمع لندائك الذى طوى الزمان والمكان .. ويستجيب فلا يتردد فى إتخاذ القرار الوحيد الصحيح .. والمطلوب .. فيبعث بطائرة خاصة تحمل أوراق إمتحانات الشهادة السودانية .. فتحط فى مطار كمبالا قبل ساعات محدودة من موعد فتح مظاريف الإمتحان فى كل المراكز .. ليجلس طلاب جنوب السودان الجالسين لإمتحان الشهادة السودانية للعام 2018 .. فى وقت واحد مع أقرانهم الجالسين فى كل أرجاء العالم .. فيبقى آخر خيط كان يربط جنوب السودان مع منهج السودان .. آخر خيط كان يربط أبناء جنوب السودان مع اللغة العربية .. يبقى آخر خيط دون إنقطاع .. بل يزداد متانة وقوة .. وأبناء الجنوب فى كمبالا يغنون ويرقصون باللهجة السودانية .. بعد أن فوجئوا بوصول أوراق الإمتحانات .. بعد أن كانوا قد يئسوا .. من الإمتحان .. ومن كل ما يربطهم بالسودان .. قرار صائب إتخذ فى الوقت المناسب .. حقق كل ذلك ..!
إنه قرار الفريق شرطة دكتور حامد منان وزير الداخلية .. رئيس اللجنة العليا لتأمين إمتحانات الشهادة السودانية .. والقاضى بنقل أوراق إمتحانات الشهادة السودانية لهذا العام الى العاصمة اليوغندية كمبالا .. بأعجل ما تيسر .. بعد أن فشلت كل جهود حل الأزمة بطرق أخرى .. وأختار أبناء الجنوب الرحيل الى كمبالا للإنضمام لمركز الإمتحان هناك .. ولأن الأوراق التى وصلت لذلك المركز مسبقا خاصة فقط للجالسين للإمتحان من كمبالا .. كان مرشحا لذلك المركز أن يشهد أزمة خطيرة حال فشل بعض الطلاب الجلوس للإمتحان .. فكان قرار الوزير تداركا للموقف .. وتجاوزا للأزمة .. لقد كان الوزير وبصفته الإضافية تلك .. رئيس اللجنة العليا لتأمين الإمتحانات .. كان يوازن بين أمرين .. ضمان سرية وعدم تسرب الإمتحانات من أى موقع .. داخل أو خارج السودان .. وفى ذات الوقت ضمان حصول كل المستوفين لشروط الجلوس للإمتحان على فرصتهم فى أداء الإمتحان .. عرض السودان على حكومة الجنوب نقل الممتحنين .. فى حدود المائتى طالب الى السودان .. وسيتكفل الأخير بإستضافتهم حتى يؤدوا إمتحاناتهم .. على غرار ما حدث مع الممتحنين من ليبيا .. ولكن الحكومة لم تتلقى أى ردا .. سلبا كان أو إيجابا .. ثم تفاجأ إدارة الإمتحانات هنا .. أن نحو مائة طالب قد وصلوا بالفعل الى كمبالا .. وبعد قراءة عجلى .. ولكنها عميقة للموقف .. يخلص الوزير الى أمر واحد .. مهما كلف الأمر .. فإن عدم جلوس اولئك الطلاب للإمتحان .. سيكون اكثر كلفة .. و اكبر خسارة .. فيتخذ قراره التاريخى .. مستحقا عليه التقدير .. ونجمة الإنجاز ..!

التعليقات مغلقة.

error: