:: وعلى سبيل المثال، لضعف إنتاج الموسم الفائت، يواجه بعض المُزارعين المعسرين بالقضارف المتاعب لعدم سداد ما عليهم للبنك الزراعي، أي مبالغ التمويل.. وناشدوا الحكومة بالتدخل، ثم حمّلوا شركة شيكان للتأمين مسؤولية ما قد يحدث لهم لعدم التزامها في سداد مبالغ التأمين للمُزارعين المعسرين رغم أنهم سدّدوا التزاماتهم كَاملةً – مبالغ تأمين زراعتهم – للشركة، وأكدوا – لصحيفة التيار – بأنّ استحقاقات المُزارعين لدى شركة شيكان تُقدّر بـ(120 مليار جنيه)، ولكن لم تلتزم الشركة بسدادها حتى الآن..!!
:: وأينما حلت شركة شيكان بتأمينها، ناشد المُؤمَّن عليهم – عبر وسائل الإعلام – الحكومة بالتدخل واسترداد أموالهم من براثن الشركة حتى لا تلاحقهم أوامر الحبس لحين السداد.. ومع ذلك، أي رغم تلكؤ شيكان في سداد مبالغ التأمين ورغم أنف سياسة التحرير وشعارات الإصلاح الاقتصادي؛ لا تزال مراكز القوى تفرض شيكان على المؤسسات والشركات وضيوف الرحمن، بحيث تستلم أموالهم ثم لا تلتزم بسدادها – لمن يتعسرون – إلا بعد أن يناشدوا الحكومة بالتدخل..!!
:: والغريب في الأمر، قبل ثلاثة أسابيع، كانت هناك ورشة تفاكرية بقاعة اتحاد المصارف تحت عنوان (تأمين ممتلكات الدولة، الواقع والتحدي)، وتحدث فيها مع المتحدثين الدكتور محمد موسى إدريس مدير عام هيئة الرقابة على التأمين قائلاً: (يجب المحافظة على أصول الدولة بالتأمين عليها، وأن التأمين يضمن الاحتياط للمستقبل، ويساهم في توفير الأصول، وأن المقصود بتأمين ممتلكات الدولة هو تأمين الأصول الحكومية وممتلكات القطاع الخاص)، ثم قال بالنص: “خروج القطاع الخاص من الدورة الاقتصادية يخلق فجوة”..!!
:: نعم خروج القطاع الخاص من الدورة الاقتصادية يخلق (فجوة)، كما يقول رئيس هيئة الرقابة على التأمين.. ولكن -للأسف- هذه الهيئة (تتجمل)، أي تقول ما لا تفعل، وإليكم الدليل بالنص: (السادة/ البنك الزراعي السوداني.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الموضوع تأمين ممتلكات الدولة.. بالإشارة للموضوع أعلاه، وخطابكم بتاريخ 21 فبراير 2018، نفيد سيادتكم بأن الهيئة هي التي تحدد السياسة التأمينية للمتلكات العامة وكيفية التأمين عليها، وعليه يجب الالتزام بتأمين جميع ممتلكات البنك لدى شركة شيكان للتأمين فقط.. وتقبلوا بوافر الشكر والتقدير.. حليمة نيال محمد /ع المدير العام)..!!
:: فالهيئة التي رئيسها يتحدث عن مخاطر خروج القطاع الخاص من الدورة الاقتصادية هي ذات الهيئة التي تُلزم البنك الزراعي -بلا حياء- بتأمين ممتلكاته لدى شركة شيكان.. هكذا سياسة التحرير في بلادنا، إذ هي سياسة احتكار في بلاد الآخرين.. وهكذا تؤدي أجهزة الرقابة واجبها في بلادنا، أي بكل تناقض و(تجمُّل)، وليس بكل نزاهة وشفافية كما أجهزة الرقابة في بلاد الآخرين.. نعم، من المؤسف أن هيئة الرقابة على التأمين -تابعة لوزارة المالية- جهاز رقابي تقع عليه مسؤولية توزيع ممتلكات الدولة على كل شركات التأمين بالقسط والميزان، وليس احتكارها لشيكان..!!
:: ومنذ الستينات، حتى قبل طمس قيم العدل والمساواة والمنافسة الشريفة، كانت في بلادنا (18 شركة تأمين).. وكل هذه الشركات كانت تتقاسم -فيما بينها- تأمين ممتلكات الدولة بالتساوي.. والأجمل من المساواة في تأمين ممتلكات الدولة، كانت هذه الشركات تتناوب على الإدارة سنوياً.. أي سنوياً كانت إحدى شركات القطاع الخاص تحصر ممتلكات الدولة ثم توزعها على رفيقاتها بمنتهى العدل.. هذا ما كان يحدث قبل أن يحل على الزمان ظلام شيكان وظلم الهيئة الرقابية….!!
التعليقات مغلقة.