حين تجاوزت الساعات ستا بالتمام والكمال .. وبلغ منى الإرهاق مداه .. تساءلت وانا اغالب النعاس .. كمواطن عربى يا ترى .. وان شئت الدقة قلنا كمواطن يعيش فى تخوم العالم العربى .. من المسئول عن معاناتى هذه .. هل هو التحالف العربي .. ؟ الذى اعتبر بمعايير اخرى لا صلة لها بمعايير ان أكون عربيا جزءا منه ؟ .. ام هو الزمن العربى الرديء الذى بات فيه العربى يستمرىء اكل لحم أخيه ميتا .. و احيانا حيا ..؟ كان ذلك زمن تقطع فيها ( القطرية ) ذائعة الصيت .. المسافة بين الخرطوم والدوحة فى نحو ثلاث ساعات وبضع ..! الان تضاعف هذا الزمن وتضاعفت المعاناة وتضاعف الرهق وتضاعفت الكلفة .. وحده الذى رخص .. هو الزمن العربى ..!
اذن .. كانت تلك بعض مظاهر الحصار .. وظننت .. وبعض الظن اثم .. ان ما بدأ داخل الطائرة .. لن ينتهى في سلمها .. وان بعض ذاك العنت ولا شك مرافقنا الى المدينة .. كنت اتحسب لوجوه مكفهرة .. ترك الحصار على سمتها رهقا .. وخلّف ضيقا .. يتبدى للقادمين والعيان .. غير ان الذى وجدته جدّ مختلفا .. فذات الوجوه المشرقة التى تركتها اخر مرة .. وذات السعة وذات الترحاب .. قلت فى سرى الحصار خشم بيوت ..!
سريعا جدا .. ابت الدوحة الا ان تقول لزوارها نحن بخير .. الاعلامية الجامعية المليحة فاطمة أدهشتني وهى تقول لى دون مبالغة ..يا سيدى هذا الحصار صار فيه خير كتير .. قلت لها بدهشة .. وكيف ذلك ..؟ قالت لى وفرة فى كل شيء .. واستقرار فى الأسعار بل وانخفاض فى بعضها .. وحين رأت دهشتي قدمت لى تحليلها البسيط للمشهد كالاتى .. لان قطر مظلومة فان الله لم يتركها .. فكان أصدقاء حقيقيون .. جاهزون لتقديم كل عون ..!
ولكن الامر الذى ذهبت اليه نفسه .. كان عنوانا يمد لسانه للحصار .. ويدحض وجوده .. فهذا الحصار المعلن لم يمنع مؤسسة مثل مركز الدوحة الدولى لحقوق الانسان .. من ان ينظم ويدعو لمؤتمره السنوى لحوار الأديان .. كما ان الحصار لم يمنع المدعوين من الإقبال على الدوحة من كل حدب وصوب .. وكانما المنظمون قد استصحبوا ظلم الانسان لاخيه الانسان فجعلوا لمؤتمرهم هذا العام عنوانا هو ..الأديان وحقوق الانسان .. فكانت لوحة معبرة تقول .. نعم للحوار لا للحصار .. يكفى ان مقدمى الاوراق ومناقشيهم فقط .. قد جاءوا من اكثر من خمسين دولة .. هذا غير المشاركين والاعلاميين .. ومركز الدوحة لحقوق الانسان يقول لضيوفه انه يامل ان يكون منتدى لتعزيز ثقافة التعايش السلمي وقبول الاخر .. وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التى تهم البشرية .. فهل من دور للاديان اشمل من هذا ..!؟
التعليقات مغلقة.